منطلقات استهداف أهل السنة

تكبير الخط تصغير الخط

منطلقات استهداف أهل السنة 

     المملكة العربية السعودية بقوتها الاقتصادية والصناعية والعسكرية وكذلك قوتها في فرض حيادها على الدول العظمى بمعنى أنه لا توجد دولة منهن تستطيع أن تهدد أمن السعودية دون أن تُغضِب الدول الأخرى ، ورضاها عن دولة ما  منهن ،وأعني تحديداً : أمريكا أو روسيا أو الصين ، مثير تنافسياً للأخريات ، فتبقى السعودية ممسكة بخيط الحكمة في التعامل معهن كلهن دون أن ترضخ في شيء لإحداهن . 

     فهذا المجموع من القوى  التي تتمتع بها السعودية جعل بمقدورها الدخول مباشرة ودون أن تستأذن أحداً في عملية تقوية سوريا ولبنان ، وهي الآن في انتظار أن يحدث جديدٌ في أماكن النفوذ الإيرانية الأخرى لتدخل فوراً ليس في إعزاز نفوذها كما يقول البعض ، لأن السعودية من تاريخها لا تبحث عن نفوذٍ في بلاد أخرى ، إذ لو كانت تبحث عن ذلك لوجدته من قديم أثناء صراعها مع قوى القومية العربية ،ولخسرت كثيراً كما خسر طُلابُ النفوذ العرب والعجم في البلدان التي أدعو النفوذ فيها ، بل تَدخُل فوراً في إنقاذ الأوطان من أن تكون محطات لأعداء المملكة وأعداء أهل السنة ليس غير ، كشأنها قبل أيام قلائل في سوريا ولبنان. 

وقد ظن البعض أن نفوذ إيران قد انقضى وأن ما يقال عن استهداف أهل آلسنة بات تاريخا ؛ ونحن اليوم نقول بل هو باقٍ ،ولا نزال ندعو للسعودية أن تستمر نجاحاتها في إخماد هذا المشروع ، ومع استمرار نجاحاتها يجب  ألَّا يتوهم المتابعون انتهاء معركتها بهذه السهولة ،خاصة وأن عدداً من الفاعلين في إضعاف نفوذ إيران هذه الأيام هم الصهاينة الذين قتلوا حسن نصر اللات ، وحاربوا إيران ، وكذا الأمريكان الذين يقصفون الحوثي ويهددون إيران ؛ وهؤلاء ليسوا أصدقاء للسعودية وما فعلوه لم يكن يُبتَغَى به مصلحتها ، وإن كانت استطاعت أن تجريه لصالحها وتستغل ضعف النفوذ الإيراني. 

   من هنا نتحدث عن مواطن استهداف أهل السنة ، إذ نجد العراق يبدو أولاً ، حيث تجري هذه الأيام إعدامات جماعية في سجون جنوب العراق ، وقد جمع فيها من الشباب السنة والكبار والأطفال عدد كبير ، وجميعهم يُعدمون بتهمة الداعشية ،والحقيقة أن الدواعش قد انتهو إما بقصف أمريكي أو ذابوا مع الناس بعد تغير الأوضاع ،أما هؤلاء فأكثرهم من المدينة التي حاربت أمريكا مباشرة أثناء الاحتلال ،وقُصِفت مساجدُها وبيوتُها ،بل نقول تم تدميرها ،وهي الفلوجة ؛وبعضهم من بغداد والموصل وخانقين وغيرها، وقد كانت الحكومة الأمريكية أثناء احتلالها للعراق بعد ٢٠٠٣ قد ألقت القبض عليهم ، ويتم إعدامهم  الإن.  

وقد صدر قرار بالعفو عنهم إلا أن العفو لم توافق عليه إيران فجاءت الآن المسارعة في تنفيذه.

 وهناك غير هؤلاء حوالى خمسين ألفاً من العراقيين مسجونين في جرف الصخر ببغداد ،وجرف الصخر هو المنطقة التي احتلتها الميليشيات العراقية من سكانها الذين هم من أهل السنة ،ولما جاءت الإشعارات من الولايات المتحدة بحل الميليشيات وإفراد العسكريين الرسميين بحمل السلاح عزم هؤلاء على عدم ترك أثر لهم ،وكان السجن والتعذيب أعظم مآثرهم ،وإخفاؤه ليس إلا بالإعدام والمقابر الجماعية. 

فنلاحظ هنا أن إيران لا تزال علاقتها ماضية وأوامرها نافذة وغير مستنكرة دولياً رغم بشاعتها حتى هذا الوقت.

وليس يغير شيئاً في ذلك أن الحكومة العراقية التي عطلت في الماضي استقبال ضخ الكهرباء من المملكة لأجل إيران تعود الآن لتجعل المملكة هي الأولى من مصادر الاستيراد بعد أن قرر الرئيس ترامب إلغاء الموافقة الاستثنائية لاستيراد الكهرباء من إيران والتي كانت بتوقيع الرئيس بايدن ، وذلك لأن ترامب كما قررنا في مقالات قديمة يخضع لعقلية تجارية ، ويريد مزيداً من الخضوع من إيران. 

وفيما يتعلق بلبنان لا يزال الثنائي الشيعي ،حزب الله وأمل،يشكلان عقبة كبرى أمام تشكيل الحكومة بين يدي نواف سلام رئيس الوزراء الجديد ، ولا شك أن من يستطيع إيقاف تشكيل الحكومة بأي حجة وفي ظرف حرج كهذا الظرف الذي تعيشه لبنان يستطيع فوق ذلك  ، وقد ذكر وزير الدفاع الصهيوني المُقَال يواف غلانت : أن نتنياهو ترك فرصة القضاء على حزب الله ؛ وفي رأيي أن تركه لهذه الفرصة كان عن عمد. 

كما تستمر الصلات الوثيقة بين حزب اللات وإيران بشكل قوي لدرجة أن الخامنئي عين نعيم قاسم زعيم حزب اللات وكيلاً له ، وإن كانت الوكالة في العرف العقائدي تتعلق بالخُمُس وجواز استلامه من الأتباع ، ولكنها فيما يخص خامنئي ونعيم قاسم سوف تتجاوز  ذلك وستكون مثل علاقة خامنئي بحسن نصر الله .

  وكذلك الحوثي في اليمن فرغم حالة الحرب المعلنة ضده ،إلا أنها ليست حرباً لإزالة هذا الكيان وإحلال حكومة شرعية في جميع اليمن ، وذلك لأنها حرب تأديبية فقط ، أي لتأديب الحوثي وليست لإزالته ،إذ لو كانت لإزالته لأغنى عنها عدم الاعتراض على الاستيلاء على الحديدة ،وكان هذا مشروع قوات الشرعية حينما كانت هناك ،فالجميع يعلم أنه لو تم الاستيلاء عليها لما بقيت للحوثي قوة ، ولكن كان الغرض استهداف أهل آلسنة فلم تشأ القوى الدولية إسقاط الحوثي ،وبما أن ذلك الهدف لازال قائماً ،فسوف تظل ضربات الأمريكيين والإسرائيليين والبريطانيين ضد الحوثي كما وصفتها قبل قليل ضربات لتأديب إيران به ، أما المشروع الذي قام الحوثي من أجله فسوف يبقى . 

لا نعلم حقيقة عما يفكر فيه ترامب ، وقد تكون نظرته مخالفة لنظرة من سبقه لإيران ، لكن الأمور حتى الآن لا توحي بأي تغير. 

     من هذا الباب نرى أن على المملكة العربية السعودية دوراً كبيراً جداً في الذب عن أهل السنة ، وحقاً قد فعلت الكثير لكن ليس الحاضر بأسهل مما مضى ، وأخص السعودية مع أن الاستهداف ليس خاصاً بها ،وقد وقع ضرره فيما مضى على السنة في سوريا والعراق ومصر واليمن أكثر بكثير مما وقع على السعودية التي درأ الله عنها الكيد الكبير بأسباب منها حكمة المملكة في التعامل مع الأحداث الجليلة .

أقول :أقول إني أخص السعودية لأنها كدولة وشعب ودار ، تعد رأس أهل السنة فالمنهج السلفي الذي هو السنة الحقة باق فيها ،وعليه حرب شعواء تحدثنا عنها سابقاً وسوف نتحدث لاحقاً إن شاء الله ،وفيها قبلة المسلمين ،وإليها يرجع المسلمون حين يشتد كربهم ،وهي الصادقة الآن في نصرتهم. 

وهناك نقاط استهداف عديدة لأهل السنة في حال إحياء قوة أحزاب أخرى قد تجري في المستقبل والله العالم بما يكون . 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.