عندما يقول نصر الله إننا في عصر الظهور

تكبير الخط تصغير الخط

“نحن الآن في عصر ظهور الإمام المهدي (عج) وعلينا أن نكون مستعدّين لذلك”. أعادني كلام الأمين العام لحزب الله السيد حين نصر الله 30 عاما إلى الوراء لأتذكّر أنّني سمعت الكلام عام نفسه العام 1983 وتركت دراستي لأحمل البندقية وأحارب تمهيدا لظهور الإمام المهدي (عج). فمن سيدرس إذا كانت القيامة على بعد أيّام أو شهور؟ وأليس القتال في سوريا، أو في العراق، أكثر فائدة؟
مشهد غريب كان رؤية الشباب والفتية الذين تجمعوا أمام الشاشات في العيد 29 لانطلاقة كشّافة المهدي ليستمعوا إلى كلام الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله. هو الذي راح يكرّر شعار “لن تُسبى زينب مرتين”، وعرّج على المستجدات في العراق مؤكدا “أنّه انتهى الزمن الذي يُسمح فيه لأيّ أحد في العالم أن يهدم أو يدنّس مقدساتنا الدينية في النجف وكربلاء وسامراء”، خاتما حديثه بكثير من التأكيد: “نحن الآن في عصر ظهور الامام المهدي (عج) وعلينا أن نكون مستعدين لذلك”.
هذا المشهد أعادني 30 عاما إلى الوراء، وتحديدا الى العام 1983. أذكر جيدا أنّه كان يوم خميس وكنت أحضّر لامتحانات البكالوريا الرسمية. أخذت إجازة قصيرة من الدراسة وذهبت إلى حضور محاضرة دينية على أحد مقاعد حسينية الشياح. أذكر جيدا أنّها كانت للمغفور له السيد فيصل الأمين (شقيق السيد ابراهيم الأمين)، الذي كان يتمتع ببيان ساحر وبأسلوب دعوي أخّاذ، إن على المنبر أو خلال الدروس الخاصّة التي كنّا نتلقّاها في بيته.
أذكر جيدا أنّه (رحمه الله) يومها تلى آيتين من القرآن كدليل على كلامه، الآية الاولى: “.. والله متمّ نوره ولو كره الكافرون “، والآية الثانية قوله تعالى: “..ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون “. واعتبر السيد الامين أنّ خروج الامام المهدي (ع) إنّما يكون لحظة يكون العالم محكوما من قبل قوّتين اثنتين هما المشركون، ويتجسدون حينها بالولايات المتحدة الاميركية، والكافرون، وكانوا حينها الاتحاد السوفياتي. وبما أنّنا كنا حينها نعيش في عالم محكوم بهاتين القوتين الجبارتين فهذا يعني أننا حتما في عصر الظهور وأنّ خروج الامام المهدي ما هو الا قاب قوسين أو أدنى وعلينا ان نكون مستعدين.
خرجت من حسينية الشياح تتملّكني فكرة وحيدة هي أنّ العودة الى الدرس والتحضير للامتحانات الرسمية يُعتبر بمثابة الخطيئة أو بأقلّ تقدير لا تنسجم البتة مع حالة التوطئة المطلوبة منّي لصاحب العصر والزمان.
رميت كتبي وتوجهت في اليوم التالي الى الجنوب حاملا بندقية لأقاتل أعداء الله. فبذلك فقط يمكن ان أكون من جنود الامام محاربا ومستشهدا بين يديه.
أيام وجاءت دورية إسرائيلية اعتقلتني انا وعدد من شباب الضيعة. وهناك في معتقل أنصار قُدِّرَ لي ان اقرأ فيما قرأت بأنّ السيد علي بن طاووس (661 هـ) أي منذ 774 سنة، وهو كان من كبار فقهاء الشيعة، أخبر ولده الأكبر محمد، الذي خصّه بأهمّ مصنفاته (كشف المحجة لثمرة المهجة) بعدما تولّى نقابة الطالبيين بالعراق، روى لابنه قائلا إنّ تولّيه هذا المنصب بعد زوال ملك بني العباس كان قد ورد في حديث للامام الصادق برواية جاء في خاتمتها: “ثم يأتينا الغليظ القصرة ذو الخال والشامتين القائم العادل الحافظ لما استودع يملأها قسطا وعدلا كما ملأها الفجار جورا وظلما”. ما يعني بالدليل أيضا، حينها قبل 774 عاما، أنّ هذا أوان ظهور الامام المهدي فيوصي ابنه بالاستعداد له.
فعرفت، وأنا في المعتقل، أنّه في كلّ زمان سيخرج علينا احدهم ليخبرنا أنّنا في عصر الظهور، ولعلّها تكون كلّ مرة دعوة طبيعية تمليها الظروف والتطورات السياسية في محاولة لتأكيد أحقية القضية التي يحارب من أجلها الجمع، خصوصا عندما تكون تكلفة هذه الحرب باهظة.
الحمد لله أنّه في العام 1984 عمدت الدولة اللبنانية، نتيجة ظروف الحرب، الى الغاء الامتحانات الرسمية والاكتفاء بوثيقة الترشّح، ما أمّن عدم خسارتي العام الدراسي.
أكاد أجزم هنا أنّه عندما يستمع هؤلاء الفتية، من شخصية بحجم سماحة الأمين العام السيّد حسن نصر الله، إلى قوله إنّنا اليوم أيضا في “عصر الظهور”، فسيتحوّلون من طلاب مدارس إلى مقاتلين مستعدّين للموت في سوريا، وحتّى في العراق، تمهيدا لظهور المهدي، وربما هذا هو المطلوب… والله أعلم.

عماد قميحة، الأحد، 29 يونيو 2014

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.