تغريدات عن الظلم والظلم الخفي

تكبير الخط تصغير الخط

تغريدات عن الظلم والظلم الخفي

من المفروض شرعاً على المسلم أن يكون عادلاً في قوله وفعله وشعوره ومن العدل أن لا يغُرك الإحسان عن الحق ولا يخدعك عنه الشنئان

وكل من غرَّه الإحسان عن الحق فليس بمُحسِن وكل من خدعه عنه الشنئان فليس بمحب والإحسان والحب هما مُرَكَّب العدل وطريق الحق

الظلم شرٌ كلُّه ومن شره أنه تسقط بسببه الدول وتنزل العقوبات ويتبدل الخير شرا والنعمة نقمة وليس من أمة فشا فيها الظلم إلا أهلكها

شَرُّ أنواع الظلم: الظلم الخفي ، حين يحسَب المرء نفسه قد أدى ما عليه وأسقط التبعة مع أن حق الغير لازال في رقبته أو في طرف ثيابه

الظلم الخفي يقع من قلوبنا كموقع الشرك الخفي فمرة لا نُحِس به ومرة نتأوله لنستسيغه ومرة نحرسه وندافع عنه حين يُلبسه الشيطان لباس الحق والعدل

ليس من شرط الظلم أن يكون مقصوداً، فقد يلتبس الظلم بالإحسان كما يلتبس الخير بالشر ولا مخرج من ذلك إلا التقوى والورع وبذل الجهد في التحري والرفق والأناة

لا تجد ظُلماً ظاهراً إلا وتحته ظلم خفي هو أصله الذي ينمو عليه ومن يستأصل الظلم الظاهر ويدع الخفي كمن يقطع أغصان النبتة الخبيثة ويذر جذورها

يكون الظلم من الحكام للناس ومن الناس لأنفسهم ومن الناس لبعضهم ومن الناس للحكام وقلَّما هلكت أُمة إلا وهؤلاء مجتمعة فيها

أنواع الظلم بعضها أسباب لبعض غالباً فيُبتَلَى الناس بجور الحُكام إذا جاروا على أنفسهم وتظالموا بينهم ويُبتَلى الحكام بجور الرعية غالباً بقدر جورهم عليها

لا ينبغي لراعٍ أن يظلم رعيته ثم ينتظر منهم أن يُحصوا محاسنه ولا لرعيةٍ تتظالم بينها أن تنتظر أن يُسخِّر الله لها رُعاتها

الحكام نعمة من الله أو نقمة ينعم عليهم ويُنعم بهم يبتليهم ويبتلي بهم ، فمن عمل لدواعي النعمة حلت عليه ومن عمل لدواعي النقمة نزلت به

فمن الظلم الخفي إيهام المرء نفسه أنه أنجز عمله وهو لم ينجزه وأنه أحْسَن وهو قد أساء أو أخلص في الأداء في حين لم يُخلص

ومن الظلم الخفي أن لا تستمع في تقييم عملك إلا لمن لا يرى إلا محاسنك إفراطا في حبك أو تفريطاً في نصيحتك أو رجاء لصلتك أو هيبة لمساءتك

ومن الظلم الخفي ظنُّ من لا يعلم أنه يعلم واجتراؤه على الخوض فيمالا يعلم، ثم الجهل بعواقب الكلام ، والجاهل بعواقب الكلام أظلم

ومن الظلم الخفي اعتبار الصدق والنوايا الحسنة وحدهما معياران لتقييم الأقوال والأفعال ، والعدل يقتضي إضافة الثمرة والمآل لتكون أعمالنا أفضل أثراً

ومن الظلم الخفي وزن الأخطاء بغير ميزانها الصحيح ، فيُحَقَّر الخطأ الشنيع أو يضخم الخطأ الهين ، فيستهان بإصلاح الشنيع ويُسْتَنفر للهين

ومن الظلم الخفي تقييم الأعمال بمصالحها وتجاهل ثغراتها ، أو تقييمها بثغراتها وتجاهل مصالحها وبعبارة أخرى قَصْر النظر على أسفل الكأس أو أعلاه

ومن الظلم الخفي إقبال النفس على تصديق خبر السوء ولو نقله المجهول عن المجهول وتكذيب خبر الخير ولو كان شاهده العيان والمعايشة

إذا كان من الظلم الظاهر مراعاة الحكام حتى يجوروا عن الحق فإن من الظلم الخفي مراعاة الناس حتى يجترأوا على الباطل.

ومن الظلم الخفي التعجل بعذل من عَمِلَ دون ما أمَّلتَه فيه أو خالف ما ترتأيه ، ولو علِمْتَ بواعثه أو موانعه لجزمت بصواب مراميه

بواعث العمل وأهدافه جزء منه ولا يُمكن تقْييم عملٍ ما مدحاً أو ذما إلا بالإحاطة بهما، وقصة موسى والخضر عليهما السلام درسٌ في ذلك

من الظلم الخفي توسيد الأمر إلى غير أهله ، ومن لا تبرأ به الذمة لا يستقيم به العدل ولا تسقط به العهدة ، ويعظُم الجُناح حين تقصر المراقبة ويقل الحساب

ومن الظلم الخفي استقلال النعمة وعدم تقديرها كما ينبغي لها(فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق)

ومن الظُلم الخفي تكلف التأويلات لأكل الأموال ، وهذا هو الباطل الذي قال الله عنه(ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا)

ومن الظلم الخفي ترك الاعتبار بتجارب السابقين مع قوله تعالى( فاعتبروا يا أولي الأبصار)ويزداد القصور حين تكون التجارب قريبة العهد حاضرة الأثر

ومن الظلم الخفي صنع المشاجب لتعليق الأخطاء عليها والحق أن الأخطاء تُحمل على العواتق لتدفن في الأرض لا لتحيا على رؤوس المشاجب

ومن الظلم الخفي سعي المرء لحظ نفسه وهو يُظهر للناس أنه يسعى لحظهم وهذا من أخفى أنواع الظلم وأخطرها وأعسرها في المعالجة والاجتناب

ومن الظلم الخفي ظن المرء أن أثر معصيته غير متعد إلى غيره.
أنهلك وفينا الصالحون ؟
(نعم إذا كثر الخبث)
ومن الظلم الظاهر الغيبة والنميمة والهمز واللمز ، ومن الظلم الخفي فعل كل ذلك تحت لحاف ديني أو بيرق إصلاحي أو مظلة ناصحة

وقد بلغ تغلغل الظلم الخفي في القلوب:أن الفجور في الخصومة وهي من صفات المنافقين تُمَارس بتوسع تحت شعار الغيرة على الدين ونصرة الحق

ومن الظلم الخفي طلب الدنيا بالدين ،والغضب للدنيا في صورة الغضب للدين، وهذا أمر قلبي يخفى على الناس لكنه لا يخفى على الله فليتعاهد كلٌ قلبه

طلب الدنيا ليس طلبَ المال وحسب بل طلبَ الجاه والشهرة والشهوة والمنصب والأتباع وادٍّعاء السلامة عسير وإنما الاستعانة على النفوس بالله وحده.

علاج الظلم الخفي فيما أمر الله به من الصبر والرفق والعلم والحلم والأناة والورع ، وإذا امتزجت هذه مع الغيرة والديانة والإمانة تحقق العدل.

دمحمد بن إبراهيم السعيدي

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.