آخر الأخبار
حقائق يذكرها مزمجر الشام عن السلفية الجهادية
حقائق يذكرها مزمجر الشام عن السلفية الجهادية
أنقل هذه التدوينة لمزمجر الشام عن مجموعة عبدالعزيز قاسم البريدية ، ومزمجر الشام أحد من أقرأ لهم على توتر نقده لمنهج داعش ، لكنه هنا ينتقد ما يسمى السلفية الجهادية بشكل عام ، وما يذكره مهم جداً حيث إنه كما يتضح لمتابعي تغريداته أحد أبناء هذا التيار ، وما يقوله يُصَدِّق ما يقوله علماؤنا منذ زمن وما يقوله العقلاء دوماً ، آمل أن يقرأها شبابنا ويستفيدوا منها .
حقائق عن السلفية الجهادية
بقلم: مزمجر الشام / مدون سوري ناقد للتيار الجهادي
تكررت ظاهرة تمكن الغلاة في الساحات الجهادية وضياع ثمرة الجهاد، وهذا ليس “أخطاء فردية” كما يسميها البعض وليست سرقة لثمار الجهاد.
ولكن ﻷن التيار الجهادي في واقعه الحالي وما يعانيه من أخطاء وعيوب ومشاكل أدى إلى تكرار ذات النتائج المخيبة في كل ساحة جهادية.
أبدأ الحديث عن أخطاء التيار الجهادي، وأنا ابن ذلك التيار قاتلت من أجله ونافحت، وما أقول ذلك إلا قطعاً للطريق على أصحاب المزاودات.
أكتب ذلك بعد أن رأيت أن التيار الجهادي لا يزال يتعامى عن الأخطاء ويرفض الاعتراف بها، فضلاً عن محاولة تداركها وإصلاحها!
إن “السلفية الجهادية” التي تسودت ساحات الجهاد لثلاثين عاماً قد خلت، فشلت فشلاً ذريعا في حل مشاكل الأمة حالها كحال باقي التيارات، رغم أن السلفية الجهادية لم تبخل في تقديم التضحيات والدماء في مناصرة قضايا الأمة، وضربت في ذلك أمثلة في البطولة والشجاعة.
فشلت السلفية الجهادية رغم تقديم التضحيات، لأنها لم تستطع أن تلتحم مع الأمة وتتوحد معها وتقنعها بقضيتها ومشروعها وتجرها إليه.
فتحولت السلفية الجهادية إلى مجرد حركات معزولة عن الأمة وتنظيمات شاذة منبوذة من مجتمعاتها، ولعلنا هنا نذكر أهم الأسباب في ذلك:
أولاً: فلسفة السلفية الجهادية، والتي تقوم على مبدأ “جهاد النخب”، وقد أثبت فشله في كل ساحات الجهاد ولازالت السلفية الجهادية تتبناه، فجهاد النخب الذي يحصر المشروع الجهادي في وجوه معينة ومنهج ضيق وإطار فئوي لن يستطيع مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه الأمة.
ولا شك في أن نتيجة مواجهة “نخبة الأمة” مع أعداء الإسلام وأمم الكفر هي نتيجة خاسرة بالتأكيد، والمطلوب زج الأمة كلها في الصراع، فلابد لأي عمل جهادي حتى ينتصر ويؤتي أكله أن تتبناه الأمة، وتساهم فيه، وهذا ما فشلت في تحقيقه السلفية الجهادية التي أبقته منعزلا.
ثانياً: الكبر والاستعلاء، وهو داء استشرى في السلفية الجهادية ! فأصبح أبناء هذا التيار ينظرون لباقي أطياف الأمة نظرة فوقية. وذلك لقناعتهم أنهم هم أصحاب المنهج الحق وأن الباطل لا يأتيهم وأنهم على الصراط المستقيم والمحجة البيضاء وغيرهم إما ضال أو .. إلخ
ولعل من أوضح مظاهر الكبر والاستعلاء عند السلفية الجهادية -عدا العزلة التي تعيشها- هو رفض فصائلها مؤخراً لدعوات التحكيم المستقل، على مبدأ “أتسبقني وأنا ابن الأكرمين”، فكيف تتحاكم فصائل السلفية الجهادية مع فصائل إخوانية أو ضالة أو منحرفة! ولكم في داعش مثال.
ثالثاً: التحزب والولاء للتنظيم: وهذه من كبرى آفات الحركات والتيارات الإسلامية عامة، والسلفية الجهادية خاصة، ونتائجها مدمرة، وذلك لقناعتهم أنهم هم أصحاب المنهج الحق وأن الباطل لا يأتيهم وأنهم على الصراط المستقيم والمحجة البيضاء وغيرهم إما ضال أو .. إلخ.
فترى أبناء هذا التيار يأخذون أحاديث “التعاضد والرحمة” فيجعلوها في جماعتهم فقط ولأبناء منهجهم، فيعقد الولاء والبراء على الجماعة، ولعل التحزب والعنصرية عند السلفية الجهادية كان له أثر بارز في عزلة هذا التيار وابتعاده عن الأمة وعدم تعاونه مع باقي التيارات.
رابعاً: حصر الخير في منهجهم : فيظنون أنهم هم الطائفة المنصورة والراية الأنقى ، وأنهم هم الوكلاء الحصريون للجهاد في الأمة، مما جعلهم يزدرون باقي أطياف الأمة والتيارات الأخرى. ومخطئ من ظن أن تياره وجماعته قادرة بمفردها على أن تقيم دولة الإسلام!
وهنا يجب أن تعلم أخي القارئ أن الثورة السورية قامت وتحررت عدة مناطق ولم تدخل السلفية الجهادية بعد، وكذلك في عدة ساحات أخرى. ويكفي أن تعلم -على سبيل المثال- أن أسطورة الصمود في سوريا وهي مدينة داريا التي لا تزال محررة، ليس فيها أي جماعة سلفية.
خامساً: الغلو والتنطع في السلوكيات والشكليات: فأصبح اللباس الأفغاني واجبا، والمدخن يطرد من الجماعة ويجلد وكأنها كبيرة، وأصبح لون الراية وشكلها دليلاً على صحة منهجك من عدمه، علماً أنه لم يثبت في السنة أن النبي أتخذ راية مكتوب عليها لفظ الشهادتين.
والتشدد مع المخالف سنة، حيث تبرع السلفية الجهادية في مناطحة مخالفيها وإسقاطهم، وانظر كيف جعلوا الإخوان المسلمين شر من العلمانيين، بل إن بعض منظري السلفية الجهادية اجتهد فكفر حكومة حماس والقسام! وآخر يرى السرورية شر من اليهود، عدا التهم والتخوين والسباب!
سادساً: غياب المرجعيات وقلة العلماء: فقد اجتهدت السلفية الجهادية في إسقاط معظم علماء الأمة المعاصرين بحجة “لا يفتي قاعد لمجاهد”.
فتصدر الإفتاء والتنظير ثلة من حدثاء الأسنان الجهلة، فهذا يفتي بقتل ذراري الشرطة، وهذا يفتي بتكفير كل من شارك في الانتخابات.
وأصبحت السلفية الجهادية تتخبط لقلة العلماء الراسخين عندها، وتحول الشرعيون في الجماعات إلى ما يشبه علماء السلاطين! مهمتهم تسويغ أفعال الأمير و شرعنة جرائم وأخطاء الجماعة وتبريرها!
وانظر كيف تسابق شرعيو داعش لحشد التسويغات لتمددهم للشام وإعلان الدولة وحقيقة الأمر أن البغدادي فعل ذلك خوفاً من انشقاق الجولاني.
سابعاً: الجهل المركب، وقد انتشر في أوساط السلفية الجهادية وكثر حتى تعاظم، ونكتفي بالدلالة عليه بثلاث مسائل:
1- إسقاط أحاديث آخر الزمان والطائفة المنصورة والفرقة الناجية على جماعتهم وواقعهم، حتى ظهرت انحرافات سلوكية وفقهية وحتى عقدية!
فالقاعدة في العراق قبل سنوات جهزت منبر المهدي المنتظر ظناً منهم أنه هذا زمان ظهوره! بل توقف الجهاد ببعض القواطع انتظارا له!
وهذه جماعة قرأت أن الإسلام سيعود غريباً فعزلت نفسها عن الأمة حتى يقال عنهم غرباء !وتنطبق عليهم نبوءة النبي رغم أن الغربة مذمومة.
وهنا لابد من التذكير بقول الشاطبي إن الخوارج هم أكثر الفرق استشهادا بأحاديث الطائفة المنصورة والفرقة الناجية وآخر الزمان.
2ــ مسألة الولاء والبراء، حيث يعتبر كثير من السلفية الجهادية أن الجهر بتكفير الحكومات والأنظمة واستعدائها هي من “ملة إبراهيم”، بل تعدى ذلك إلى لزوم تكفير كل من يجتمع مع الكفار أو يتعامل معهم، وإعلان عداوته لهم، وانظر كيف اشترطت داعش تكفير قطر وتركيا كشرط أولي لقبول التحاكم الشرعي مع باقي الجماعات.
وهنا يصح سؤالهم لماذا التركيز على تكفير قطر تركيا بالذات؟ هل ﻷنهما أكثر دولتين وقفوا مع الشعب السوري في محنته؟
3ــ البيعات: فالجهل المركب عند السلفية الجهادية أخرج لنا نماذج “مضحكة” من البيعات، وهذا بسبب التوسع في مسألة البيعة والجهل فيها.
وانظر كيف كان الجولاني مثلاً يبايع أمير المؤمنين البغدادي وأمير المؤمنين يبايع أمير تنظيم الظواهري، والظواهري يبايع أمير مؤمنين. فانظر لهذا النموذج الفريد من البيعات التي تشبه معادلة تفاضلية من الدرجة الثالثة، وسبب هذا الجهل والغلو بمسألة البيعة.
ثامناً وأخيراً: الكذب والتضليل، وللأسف فقد انتشر مؤخراً عند السلفية الجهادية حتى ضجت فيه المنتديات وضاق به ذرعا قادة الجماعات.
ولعل وثائق أبوت أباد حملت اعترافات لقادة القاعدة أن بعض فروع القاعدة مارست الكذب والتضخيم في نقل الواقع والمعطيات للقيادة.
ولعل الصورة المشوهة والمكذوبة التي كانت تنقل للشيخ بن لادن رحمه الله والظواهري الآن كانت سبباً في عدم صوابية قرار القاعدة الأم. وإلا فإني أعتقد أن الشيخ بن لادن يحمل من الوعي أكثر بكثير مما يحمله من يدعي انتسابه للقاعدة اليوم. وكذب الفروع ضلل الشيخ.
أما التضليل والتضخيم فهو يحصل عادة في تقديم واقع المجاهدين وانتصاراتهم بشكل مبالغ فيه، وهذا شواهده كثيرة.
ولعل من أقبح ما طرأ في منهج السلفية الجهادية اليوم هو ما نراه من “كذب المصلحة”، فقد استحل أقوام منهم الكذب بحجة أنه لمصلحة التنظيم.
وقرأوا حديث الحرب خدعة، ففهموا منه جواز خديعة الأمة بدلاً من خديعة الأعداء، وانظر كيف كذبت داعش على الأمة بمسألة اغتصاب المهاجرات.
التعليقات