تعليقاً على نتائج مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي

تكبير الخط تصغير الخط

تعليقاً على نتائج مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي .

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين :

بعد وفاة الملك عبدالله رحمه الله حدثت بعض المواقف بالغ البعض في تفسيرها وبنوا عليها أن سياسة المملكة تغيرت بالكامل عما كانت عليه في عهد الملك الراحل ، وظن البعض أن مصر في عهد السيسي لن تكون العلاقة بها على ما يرام.

وكنت تحدثت في إحدى القنوات أكثر من مرة وفي حوار صحفي لم يتم نشره حتى الآن مع موقع شؤون خليجية : أن الذي تغير في السياسة السعودية تجاه مصر وغيرها من الدول إنما هو التكتيك فقط ، أي : طريقة الوصول للهدف والمقصد وأسلوب تحقيق الرؤية .
أو بلفظ آخر ما هو قابل للتغيير لتحقيق استراتيجية واحدة .
وجاءت نتائج قمة شرم الشيخ الاقتصادية لتؤكد ما ذكرت حيث قدمت المملكة أربعة مليارات دولار في حزمة مساعدات لمصر منها مليار دولار عبارة عن وديعة توضع في البنك المركزي المصري .

والسؤال الذي يتحتم البحث عن الإجابة عنه : لماذا هذا الحرص من السعودية في عهديها
على دعم مصر في ظل قيادتها الحالية ؟
الجواب ببساطة أبعد ما يكون عمَّا قد يأفكه البعض من كون ذلك للوقوف في وجه الإخوان والإسلام السياسي وأنه دعم للثورة المضادة وإمعان في إجهاض الربيع العربي ، نعم الجواب بعيد جداً عن ذلك بل هو أيسر وأقرب للعقل والمنطق والمصلحة والرؤية السياسية من كل ذلك .
دول الخليج تمر بظرف استثنائي وهي فيه مهددة بإدخالها قي حرب مع قوى إقليمية ودولية ، وكل ذلك لا يخفى على أحد ، لذلك هي في حاجة لقيادة مصرية قوية تقول وتفعل ، تستطيع أن تبرم معها اتفاقات دفاع مشترك وهي واثقة بقدرة هذه القيادة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب .
إن من مصلحة دول الخليج في هذه الفترة الحرجة أن ترى مصر دولة مستقرة خالية من القلاقل والهموم الداخلية لتتفرغ وقت الحاجة إليها للهم الخارجي المشترك .

إن الذين يتصورون أن القلاقل التي تحدث الآن في مصر مفيدة للمشروع الإسلامي الذي يحلمون به واهمون جداً ، فالفوضى في مصر مفيدة الآن وأكثر من أي وقت مضى للدول التي تتربص بالمنطقة بأسرها وبدول الخليج والمملكة العربية السعودية بشكل خاص .
الجميل في المشروع السعودي الجديد ، أو لنقل التكتيك السعودي الجديد : أنه يطير بجناحين ، وهذا بعون الله تعالى ما سيضمن له النجاح .
ففيما تدعم المملكة القيادة المصرية ، فإنها تسير في محاولة الإصلاح بين القيادة والمعارضة الإسلامية في مصر ، ولا أعتقد أن رأب الصدع داخل مصر كان غائباً في لقاء الملك سلمان بالرئيس السيسي أو في لقائه بالرئيس التركي أردوغان عند زيارة الرجلين للمملكة في وقت واحد تقريباً.
وقد نشرتْ قبل يومين صحيفةُ المصريون الإلكترونية عن بعض المطلعين أن هناك رعاية فعلية من المملكة لجهود تسعى لإنهاء الأزمة بين الدولة والمعارضة المصرية .
وأعتقد أنه آن الأوان للقيادات الإخوانية الفاعلة في الساحة المصرية حالياً بعد سجن القيادات القوية من الصف الأول ، آن لها أن تستجيب لهذه الدعوات وأن تعي أن محاولاتها لإسقاط النظام الحالي عبر اختلاق الفوضى قد ثبت فشلها ، وأن المتضرر الأكبر منها ليس النظام ، بل المواطن المصري الذي يؤثر عليه بشكل مزعج كل سنت ينخفض من قيمة الجنيه الذي يحمله في جيبه ، وأن هذا الانخفاض الذي يُنْقِصُ دخلَه كل يوم لن يكون مسؤولاً عنه في نظره سوى من يقومون بإحداث هذه الفوضى والقلاقل التي تزعج أخبارُها كلَّ مصري ساع في طلب لقمة العيش .
ولاشك أن الدعم السعودي والخليجي في هذا المؤتمر وإن كان أقل بكثير من طموح القيادة المصرية إلا أن ثمرته في استقرار سعر الجنيه المصري سيكون أول المستفيدين منها هو المواطن المصري من الطبقة المتوسطة فما دون .

وانخفاض الدعم الخليجي عن طموح القيادة المصرية هو إحدى صور التعامل الجديد مع القضايا الحساسة في عهد الملك سلمان الذي يسير في تقديري وفق مدرسة سعودية عريقة بعيدة عن الاندفاع الشديد في حالي الرضى والسخط ، سريعة الخطو والمبادرة في حال استشراف المخاطر

وأختم بالقول :إن السياسي الحق هو الأقدر على العمل من خلال الواقع والسياسي الحالم هو العاجز عن العمل إلا وفق يريد أن يكون .

مساء الجمعة
٢٢/ ٥ / ١٤٣٦هـ

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.