المبالغة في رفع المنابر!

تكبير الخط تصغير الخط
المجيب د.محمد بن إبراهيم السعيدي
السؤال

يوجد بمسجدنا منبر مرتفع عن مستوى ساحة المسجد حوالي مترين، وهناك من قال إن ارتفاع مترين غير صحيح، ويجب أن لا يزيد عن ستين سنتمتراً فقط، فهل هذا صحيح أم لا؟

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فما ذكر من أن المنبر لا ينبغي أن يتجاوز ستين سنتيمترا لم أجد له أصلا سوى كون منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث درجات، وقد جاء ذلك في أحاديث عدة،
منها ما رواه أحمد وغيره عن الطفيل بن أبي بن كَعْبٍ عن أبيه قال: “كان رسول
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرُبُ إلى جِذْعٍ إِذْ كان الْمَسْجِدُ عَرِيشاً، وكان يَخْطُبُ إلى ذلك الْجِذْعِ، فقال رَجُلٌ من أَصْحَابِهِ: يا رَسُولَ اللَّهِ هل لك أَنْ تجعل لك شَيْئاً تَقُومُ عليه يوم الْجُمُعَةِ حتى يَرَاكَ الناس وَتُسْمِعَهُمْ خُطْبَتَكَ قال: نعم، فَصُنِعَ له ثَلاَثُ دَرَجَاتٍ اللاتي على الْمِنْبَرِ، فلما صُنِعَ الْمِنْبَرُ وَوُضِعَ في مَوْضِعِهِ الذي وَضَعَهُ فيه رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فلما أَرَادَ أن يأتي الْمِنْبَرَ مَرَّ عليه، فلما جَاوَزَهُ خَارَ الْجِذْعُ حتى تَصَدَّعَ وَانْشَقَّ فَرَجَعَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَهُ بيده حتى سَكَنَ” . عن مسند أحمد بن حنبل (ج5/ص137). وهذه الروايات إنما تحكي صفة منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن أن يستفاد منها إنكار أن يكون المنبر أعلى من ذلك، كما لا يستفاد منها إنكار أن يكون أقل من ذلك، بل إن الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه خطب على بعير، وخطب على ناقة، وارتفاع البعير والناقة يتجاوز المترين بالتأكيد، وقد نص الخبر السابق على أن العلة من اتخاذ المنبر ليست الارتفاع وحسب، بل العلة هي إسماع الناس ورؤيتهم للخطيب، وعليه فإن ارتفاع المنبر ينبغي أن يكون بحيث يسمع الخطيب الناس ويبصرونه، فأي ارتفاع حقق هذا المطلب فهو ارتفاع مقبول.
والمسجد الذي يتكلم عنه السائل مكون من طابقين، ولاشك أن ارتفاع المنبر إلى مترين يمكن لوصول صوت الإمام إلى من في الدور الثاني، لاسيما إذا لم يكن المسجد مشتملا على مكبر صوت، وحتى مع وجود المكبر فإن انقطاعه أمر متوقع.
ومما ورد في خطبة رسول الله على الناقة ما رواه الحاكم وغيره في صفة خطبة رسول الله بمنى. قال في المستدرك على الصحيحين (ج1/ص646) عن أبي أمامة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو يخطب الناس على ناقته الجدعاء في حجة الوداع، يقول:” يا أيها الناس أطيعوا ربكم، وصلوا خمسكم، وأدوا زكاة أموالكم، وصوموا شهركم، وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم”. قلت لأبي أمامة منذ كم سمعت هذا الحديث؟ قال: سمعت وأنا ابن ثلاثين. هذا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.