السعودية وحديث عن القوة

تكبير الخط تصغير الخط

المملكة العربية السعودية اليوم ، تقع في أوائل الدول في العالم في معظم أو لنقل في كل المجالات النافعة اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً ودينياً ، مما يجعلها  تكون الأولى أيضاً سياسياً ، فالاقتصاد السعودي هو أقوى اقتصاد في العالم الإسلامي ، بل إن الدول التي تعد أقوى اقتصاداً من السعودية كألمانيا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا تبلغ نسبة الدين العام فيها إلى الناتج المحلي ٦٥٪ في ألمانيا وفي فرنسا بلغت النسبة إلى ١١٢ ٪ وفي إسبانيا ١٠٥٪وفي بريطانيا تجاوز ال ١٠٠ ٪ أما في الولايات المتحدة فبلغت في عام ٢٠٢٠  ٩٨،٧ وستصل في عام ٢٠٢٩ إلى ١٠٨٪ وبلغ في الصين مستوى ضخماً هو ٢٠٨ ٪ أما الدين العام في المملكة فبلغت نسبته إلى الناتج المحلى ٣٨٪ أي أن  أقرب دولة إلى السعودية تفوقها بمستوى الضعف من نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي، وبذلك تكون السعودية بإضافة هذا المعيار أقوى اقتصاد عالمي ، ومع أنني لا أحبذ فكرة الاستدانة لإنشاء مشاريع إلا أن هذه الديون التي تنفذها السعودية ليست لأجل العجز الحقيقي كما يتوهم البعض من خلال قراءتهم لنص الميزانية العامة ، بل هي قائمة على نظرية كون الاستدانة مع ضعف خدمة الدين أجدى من دفع مبالغ في مشاريع تُضعف الاحتياطي العام للدولة ، وهي نظرية مشهورة جداً ويعمل بها كثير من الناس حيث يشترون بيوتهم وسياراتهم بهذه الطريقة مع قدرة بعضهم المالية على الدفع مقدماً . 

 كما أن الثقافة السعودية تعد أكثر الثقافات انتشاراً في العالم ولا سيما في جانبها العقدي حيث تعد العقيدة السلفية هي الأكثر حضوة وحضوراً في العالم الإسلامي وفي غير العالم الإسلامي ، إذ إن معتنقي الإسلام بعقيدته السلفية يُعدُون الأكثر في معتنقي الإسلام الجدد لدرجة أن هذه الظاهرة نالت البحث من مكتب الشرق الأوسط للدراسات فلم يجدوا سببا لها إلا بساطة العقيدة السلفية.

صحيح أن السلفية نالها كثير من محاولات التشويه عن طريق جماعات التكفير التي أُنْشِئَت مخابراتياً لتقوم بأعمال انفصالية في الشرق الأوسط ، وكذلك من قِبَل جامعات عربية وأجنبية وجمعيات مختلفة لأغراض مختلفة ليس ههنا سردها إلا أن السلفية بأعتبارها العقيدة الإسلامية الحقه بقيت وسوف تبقى بإذن الله ، لكن هذه العقيدة كانت الثقافة الأبرز التي أنتجتها المملكة ولازالت مَرْعِيةً منها حتى الآن . 

أما بعض ما تأثر به بعض السعوديين من الأفكار الليبرالية وشديدة الانفتاح فهي مثل الأفكار التي تأثروا بها في فترة الثمانينات الهجرية والستينات الميلادية من ماركسية وماوية وناصرية تذهب مع الوقت ولا تبقى منافسة للعقيدة السلفية التي هي أساس الدولة وأساس المجتمع السعودي . 

وكذلك العادات المجتمعية السعودية التي نراها تنتشر في بعض الدول العربية ، أو لنقل ترجع لتلك الدول بعد أن غابت أو بدأت في الغياب بسبب ما أصاب تلك الدول من استعمار صادف ضعفاً عقدياً فكان منه التأثر الكبير والسريع بالطرح الاستعماري ، ولم يحصل هذا الاستعمار في السعودية ولله الحمد كما أن الضعف العقدي لم يكن موجوداً ليجري الناس وراء العادات التي يأتي بها الاستعمار بهذه السرعة ، فنقول هنا إن العادات المجتمعية السعودية لا تزال هي الأعلى والأقوى في العالم ، والدولة السعودية تدعم الخير وتوصي به لكن بعض من ضعف عقله عن إدراك الحقائق تحمس كثيراً وظن أن الانفتاح يقصد به الميل عن السنة السوية التي أمر بها الله وقامت عليها هذه الدولة فمنهم من خوطبوا من قِبَلِ النيابة العامة ومنهم آخرون ستجري بإذن الله بحقهم القواعد الحكيمة التي ينص عليها النظام .

  أما كون. السعودية تقع في أوائل الدول دينيا ، أو لنقل بكل وثوق هي أقوى الدول دينيا بالنظر لشعبها الذي لا يُشك في تدينه ، وبالنظر للدولة التي تقوم فيها مؤسسات تعتبر في المملكة مؤسسات دينية بينما لا تُعَد في الدول الأخرى كذلك ، فالمؤسسة القضائية تعتبر مؤسسة دينية إذ القضاء شرعي من أوله إلى آخره بينما أزكى الدول يعتبر فيها القضاء مؤسسة توافق الشريعة في بعض الأحكام وترفضها في بعضها الآخر ، هذا بالنسبة لأزكى الدول أما علمانية الدول الأخرى فحدث ولا حرج ؛ وكذلك النيابة العامة فهي هيئة شرعية كما جاء في نظامها الأساس تابعة للملك مباشرة ، ثم وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد ، وهي وزارة فريدة في العالم لاسيما فيما يدل عليه الشق الثاني من اسمها ؛ وكذلك الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء والتي تتضمن هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة ، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،والتي يغفل الناس عما تقوم به في هذه الأيام لاسيما بعد أن أسندت صلاحية الضبط فيها إلى جهات مختصة . 

 وإذا رجعنا لجميع وزارات الدولة وجدناها مؤسسات دينية ، وذلك أن النظام الأساسي للحكم وكذلك النظام التأسيسي لتلك الوزارات ينص على عمل جميعها وفق الشريعة الإسلامية ؛ وعلى ذلك فجميع مؤسسات الدولة كلها دينية ، وبذلك تعد أقوى الدول في تدينها . 

 والمواطن وكذلك المقيم حين يُسقط من اعتباره ما تَدَّعِيْه وسائل التشويه العالمية ، ويُقَيم الأمور كما يُحس هو فإنه لا شك سوف يقول ما نقوله الآن. 

ونحن نحرص على بقاء هذا الخير لأنه هو الذي بقيت فيه هذه الدولة ثلاثمائة عام وكلما ذهبت ريحها نتيجة العدوان الأجنبي أو الافتراق الداخلي أقبل الناس على من يدعوا من آل سعود لإعادة الدولة ووقفوا معه حتى أقام مشروعه ، كما حصل في عهد الإمام تركي بن عبد الله ، وكما حصل في عهد الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ، فكلاهما  قالا ما عبر عنه الشاعر :

نبني كما كانت أوائلنا  

    تبني ونفعل فوق ما  فعلوا 

إذن فإن الدين هو المعيار الذي تُقَوِمُ عليه الدولة في خططها الحاضرة والمستقبلية ، وكل أمر يخالف الدين فالدولة حريصة جداً على تجنبه وذلك لأن الله تعالى لم يَعِد بالاستخلاف في هذه الأرض إلا من أقام الدين ، فقد قال سبحانه :﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِي الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دينَهُمُ الَّذِي ارتَضى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا يَعبُدونَني لا يُشرِكونَ بي شَيئًا وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقونَ﴾ [النور: ٥٥] وحين نُطبق تفسير هذه الآية على التاريخ السعودي نجده واضحا كل الوضوح ، فمن بين عشرات الأسر التي كانت حاكمة في نجد لا نجد سوى الأسرة السعودية مكن الله لها ، وسَخَّرَ  جميع أهل الأراضي التي لم تكن مستعمرة لقوى عظمى في ذلك الوقت لتدخل طائعة تحت إمرتها ؛ ولنفرض أن الحاكم السعودي أتى لإعزاز قبيله أو لمأرب دنيوي ، هل ستدخل هذه الشعوب في طاعته ؛ فإن الجواب الذي سيقوله كل عاقل هو [لا] لكن الإمام عبد العزيز قام بتديين الناس ودعوتهم للعقيدة الصحيحة فانساق الناس إليه ، ثُم جاء الملوك من أبنائه من بعده على هذا النهج ، ومنهم الملك سلمان بن عبد العزيز الذي تؤثر عنه كلمات روائع في هذا المعنى ، وهن ولله الحمد مسجلات منقولات على تطبيق اليوتيوب ، كما سار وسوف يسير على هذا النهج صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان حفظه الله تعالى .

التعليقات

رد واحد على “السعودية وحديث عن القوة”

  1. يقول أحمد بن مهنا الصحفي:

    اللهم احفظ وطننا ووفق ولاة أمرنا ورد عنا كيد عدونا وثبتنا على ديننا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.