آخر الأخبار
حتى نكون معا لقيادة المرأة السيارة
حتى نكون معا لقيادة المرأة السيارة
كل الممانعين من قيادة المرأة للسيارة يبنون جزءً كبيراً من ممانعتهم هذه على غلبة مضار قيادة المرأة على منافعها , وهذا ما أعتقده حتى الآن .
ومما يؤسف له أن المطالبين بهذا الأمر لم يعتنوا بما يذكره الممانعون العناية المرجوة من أمثالهم والمتمثلة في البحث عن المضار التي يؤكد عليها الممانعون وطرح مشاريع لإزالتها , ولو فعلوا ذلك لوصل الجميع إلى كلمة سواء وتصبح قيادة المرأة مباحة عند الجميع .
وقد طرح الممانعون فكرة النقل العام كمطلب يلتقي عنده الجميع وسوف يوصل حتما إلى تخفيف مضار قيادة المرأة لو قادت .
كما أن التطور في النقل العام بقطع النظر عن هذه المسألة يعد حلما لكل مواطن حيث إن بلادنا تعد حتى الآن في مؤخرة الركب في هذا المجال الذي لا يليق بها التأخر فيه .
إلا أن غير المنصفين – في تقديري فقط – ردوا هذه الفكرة جملة وتفصيلا بحجة أنها تكلف الدولة مبالغ باهضة وبحجة كون النقل العام غير مجدٍ اقتصاديا في جميع أنحاء العالم وبحجة كون مدينة كالرياض لا يغني النقل العام فيها عن السيارة أو عن المشي في بيئة لا تلائم المشي بسبب الرطوبة والحرارة والجفاف .
وكنت أتوقع منهم كدعاة للإصلاح أن يجعلوا هذا المطلب نقطة التقاء ولا يحملهم الحماس لمطالبتهم على رده مع أن أقل ما فيه من منافع هو إظهار بلادنا أمام العالم بمظهر لائق بها كدولة تعد الأغنى و الأكثر نموا في الشرق الأوسط .
ما هي الموانع النظامية والاقتصادية في أن تُؤسس عشر شركات مساهمة للنقل العام يُدعى جميع المواطنين للمساهمة فيها إما بدوافع ربحية أو بدوافع وطنية وتغطي الدولة ما لم يستطع الاكتتاب توفيره من رأس المال , وبذلك تسقط حجة التكلفة الكبيرة للمشروع وكونها مرهقة للدولة .
وأجزم أن الدافع الاحتسابي لهذا المشروع والوطني سيجعل طلبات الاكتتاب تحقق فائضا لا نظير له في المساهمات السابقة .
ولا بد أن يضاف إلى هذا المشروع مشاريع ربحية أخرى كإنشاء أسواق في محطات النقل العام العلوي والسفلي ومنصات للإعلانات التجارية يستخدم ريعها في تغطية ما يحتمل من خسائر النقل المجردة .
أما كون النقل العام لن يكون مغنيا عن السيارة والمشي , فجوابه أنه سيكون مغنيا في حالات وغير مغنٍ في حالات كما هو الوضع في البلدان الأخرى وهذا ما سيخفف كثيرا من اكتضاض الشوارع الأمر الذي سيجعل من قيادة المرأة للسيارة لو حدثت أمرا أقل ضررا , مما سيشجع الممانعين على تغيير مواقفهم الحالية تجاهه والتي هي مبنية أساساً على غلبة مضار قيادة المرأة على منافعها .
أما المشي فقلته اليوم تعد من أبرز مشكلات المجتمع السعودي والتي نتج عنها ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض السكر وضغط الدم والاكتئاب عند الرجال وعند النساء والكبار والأطفال , فما المانع أن نعود بسبب وسائل النقل العام إلى ثقافة المشي التي جعلنا فقدها مثل حشرة الخلد التي تخشى الحر وتخشى الشمس وليس لديها أي استعداد لبذل أي مجهود .
وربما وصلنا بتعزيز ثقافة المشي عبر وسائل النقل العام إلى تخفيف عبء علاج السكر والضغط والسمنة والسرطان وهي أمراض تفيد تقارير وزارة الصحة أن علاجها يكلف الدولة مليارات من الريالات , وبذلك تكون خسارة الدولة في النقل العام مغطاة بتوفيرها في مجال الصحة بسبب وسائل النقل العام وثقافة المشي.
أما كون المجتمع السعودي لا يتقبل وسائل النقل العام فأمر غير صحيح , بل المجتمع يرحب بها بشكل متميز لكن بشرط أن تكون ملائمة ومتوفرة ومراعية لمتطلباته .
من الذي لا يرحب في أن تأتي سيارة وزارة التربية والتعليم لتأخذ زوجته وأطفاله إلى أماكن عملهم ؟
من الذي لا يرحب في فقدان صورة السيدات المسكينات وهن يقفن على قوارع الطرق في انتظار الليموزين ؟
وعلى فرض كون المجتمع لا يرحب بها فهو أيضا حتى هذه اللحظة لا يرحب بقيادة المرأة , ومع ذلك يقول المطالبون بقيادة المرأة لا بد من تأهيل المجتمع لقبول هذه الفكرة , فلماذا برأيكم يطالب المجتمع بالتأهل لفكرة دون أخرى ؟ الجواب : لا أدري .
ويمكن ملاحظة أن تطوير وسائل النقل العام وتعميمها على القطاعات الحكومية والأهلية بحيث تكون هذه القطاعات مسؤولة عن نقل موظفيها رجالا ونساء سيحقق مردودا ممتازاً على البيئة كما سيحقق وفرا بتروليا في مليارات الليترات التي تضيع في محركات السيارات الخاصة الأمر الذي لو اعتنت به الدولة فسوف يدفعها للاستمرار فيه حتى نجد من الابتكارات في وسائل النقل العام ما يجعله إيجابية محضة .
مما يثير توجس الممانعين وقوف عدد من المعروفين بعلاقتهم الوطيدة المعلنة مع الدوائر الغربية وراء هذا المطلب وهو توجس له محله من الصحة وذلك حين يقترن بمعرفتنا أن قيادة المرأة للسيارة تعد في أول القائمة من مطالبة المؤسسات الحقوقية الدولية بل والبرلمانات العالمية .
والمجتمع مجتمع حر لا يظن بأن هذه الدول التي قامت على استعباد الناس يمكن أن تسخر نفسها لغير خدمة نشر قيمها ولو أنها وجدت في قيادة المرأة للسيارة في بلادنا مفتاحا لنشر قيمها بيننا لما تحمست له كل هذا الحماس ولما جندت له بعض أبنائنا وبناتنا وجعلتهم على تواصل معها في هذا الشأن وفي غيره من شؤون دس الأنوف فيما لا يعنيهم .
هكذا يقول بعض الممانعين , فما على المطالبين المخلصين لو أنهم قدموا بين يدي مطالباتهم استنكار تدخل المؤسسات الأجنبية في هذا الشأن ونددوا بكل شخصية عرفت بالتعامل مع الدوائر الغربية في سبيل الضغط على وطنها .
لو فعل المطالبون ذلك لحققوا قدرا مهما في سبيل زيادة مصداقيتهم.
أما الحال الآن فهو تقديم أسمائهم في قائمة المطالبين ونقل مقولاتهم في تبني القرار واعتراضهم على الأنظمة وردهم على المسؤولين.
فكيف سيقبل المجتمع مطالبةً هؤلاء روادها .
من المفاسد التي يخشاها الممانعون من قيادة المرأة عدم تطبيق الضوابط المقترحة لقيادتها سيراً بها مسار ضوابط الإعلام وضوابط قيادة الرجال وضوابط عمل المرأة في المستشفيات ,ومنع التدخين في المؤسسات الحكومية والأماكن العامة والعديد من مواد نظامي الإجراءات الجزائية والمرافعات والعديد العديد من الأنظمة والتوجيهات والتي تعاني مما يصفه البعض إهمالا متعمداً .
إن هاجس أن تلاقي ضوابط قيادة المرأة للسيارة هذا المصير هاجس لا يمكن التغافل عنه , وإن اعتبار بعضهم هذا الأمر غير منطقي هو الاعتبار غير المنطقي إذ إن المنطق يرفع كثيراً من قيمة التجارب الإنسانية , وإغفال تجارب محلية مشاهدة دون إعطاء نواقض مقنعة لأوجه الاختلاف هو بعينه ما يسميه المناطقة بالمصادرة .
إذا فالحل هو أن نقف يداً واحدة في سبيل الدفاع عن كل ما هو مقرر نظاما من مواد وضوابط ملحقة بهذه المواد , والسعي في اتجاه واحد وراء تطبيقها حتى يثق كل مواطن بما يُسن من أنظمة ويعلم أن مصيرها التنفيذ الحتمي وأنه لا وجود في بلادنا لنظام غير معمول به من أدنى المستويات إلى أعلاها .
كما نسير معاً لدحض كل تعميم أو إجراء داخلي يتعارض من الأنظمة وضُع لتبرير المخالفات والالتفاف على القوانين .
عند ذلك لا أعتقد أن أحداً سيعارض وضع ضوابط لقيادة المرأة مستبطه من النصوص الشرعية والأعراف المرعية ,ومن ذا يُعارض وهو يعلم أن وراء اختراق هذه الضوابط خرط القتاد.
وليكن من هذه الضوابط ما يدرأ خوف تعطلها في الطريق دون معين وخوف مخالفة الشرع بسفرها وحدها وخوف سوء تعاطي الجهات المسؤولة عن المرور معها وخوف استغلال الرجال لقيادة المرأة للسيارة لإلقاء المسؤليات التي أناطها الشارع بهم عن المرأة عن عواتقهم مما يساهم في المزيد من ظلمها واستغلالها .
وليدخل في مشروع قيادة المرأة للسيارة مشروع التأهيل الأخلاقي للشباب والشابات وذلك بفتح المجال أمام الدعوة والدعاة كي يستخدموا الوسائل الحديثة في جذبهم ومحاولة تربيتهم وتعليميهم فضائل غض البصر والعفاف والحياء وهي فضائل تشهد مراكز الشرطة وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنها تشهد انحساراً سيئاً بين الجنسين من الشباب , لأسباب كثر لابد من الإحاطة بها ومنها وسائل الإعلام المنحطة وعالم الإنترنت الخفي والذي لا يشهد استخدامه رقابة أسرية كبيرة بسبب حجم الانفتاح والتنوع الذي يشهده .
كما أن شركات الاتصالات في بلادنا للأسف لا تضع رعاية الأخلاق والخصوصية الاجتماعية في اعتبارها حين تقر ما تقره من خدمات وحين تحجب ما تحجبه منها , مع استثناء ما يشهده حجب المواقع الإباحية والمخلة بالآداب من نشاط تشكر الجهات المسؤولة عنه ويرجى منها المزيد في اتجاهه .
أعتقد أن الطالبين بقيادة المرأة للسيارة قد انتظروا 82سنة منذ أعلن عن تأسيس الدولة حتى اليوم , ولا أعتقد أن هناك مانعا أن يصبروا سنوات قليلة نعمل فيها معا لتحقيق الطموحات المتقدم ذكرها ثم نقف سوياً لندشن أول حركة مرور نسائية في جو ملؤه الحب والوآم وليس جواً ملبداً بالشحناء والشك والخصام .
من الملاحظ في مجتمعاتنا عدم تحقيق النجاح المرجو لمشاريع أو توجهات إجتماعيه إما لعدم تقبلها نفسياً أو عدم الإنسجام معها حتى في حال الإقتناع بها لعدم وجود البنيه التحتيه المناسبه.
وأنا أعزو ذلك إلى الثقافه القاصره لدى الأفرادوالإداره “إن وجدت ” في مواد الأخلاقيات والتواصل. وهذه المادتين يتم تدريسها في مدارس الأمم المتقدمه لسنين طويله قبل مرحلة الدراسه الثانويه وتحتوي على كل المستجدات في هاتين المادتين. وبذلك يمكن للنشأ تقبل المستجدات المعقوله والتواصل بطرق سليمه.