آخر الأخبار
حربنا في اليمن وحديث عن النهاية
بعد هذا الفشل الذريع للمفاوضات اليمنية اليمنية ، ومن ثَمَّ إعلان المخلوع عَلي عبدالله صالح تكوين مجلس رئاسي مع الحوثيين ، ارتفعت أصوات تُعَبِّر عن شعورها بالإرهاق من طول الأزمة وعدم ِرؤيتهم لما يُشعر بقرب حسم المعركة في صنعاء وتعز ، بل صَرَّح بعضهم عن شعوره بعدم رغبة دول التحالف وعلى رآسها المملكة العربية السعودية بحسم المعركة.
ومنهم من قال إن السعودية تورطت في هذه الحرب ، وأنها كانت بمثابة الفخ لاستنزافها مادياً وعسكرياً ، ويدعو بعض هؤلاء إلى سرعة الانسحاب من اليمن وتركه وشأنه.
والذي يبدو لي كمتابع قديم للواقع اليمني : أن تصوير دخول السعودية في اليمن على أنه كمين يُمْكِن قبولُه لو كان الظرف الذي تمَّ فيه التدخل يحتمل خياراً آخر غير الحرب المباشرة ، لكن الجميع يعلم أن نجاح الحوثي في الاستيلاء على عدن كما استولى على صنعاء يعني أن تكون اليمن نسخة كربونية من العراق وأن يعيش تسعة عشر مليون يمنيا ما بين سنة وزيود معتدلين الظروف نفسها التي يعيشها سنة العراق ما بين قتل وتهجير من قِبَل الميليشيات الإيرانية والجماعات المتطرفة المدعومة بل المصنوعة إيرانياً.
وبعد النجاح في تصفية السنة ومعتدلي الزيدية وَهُمْ الفئة الأعظم من المنتمين للمذهب الزيدي هناك ، ستتحول اليمن إلى الفك الآخر للكماشة الإيرانية على المملكة العربية السعودية.
ومن كانت لديه أدنى معرفة صادقة بالآيديولوجيا الصفوية التي تعتنقها إيران، والاستراتيجية المنبثقة عنها ، لا أشك أنه سيجزم بأن ما أنتجته الحرب حتى اليوم هو خير ألف مرة مما كان سيكون مصير اليمن لو لم يقم التحالف العربي بالتدخل في الوقت الحاسم وفي اللحظات الأخيرة منه ، وهذا ليس على مستوى علاقة السعودية باليمن أو بإيران وحسب ، بل حتى على مستوى الوضع الداخلى في اليمن إدارياً ومعيشياً.
وهذا لا يعني الرضا بالواقع المُعَلَّق ، لكنه يعني عدم الاستهانة بما تم إنجازه وبثمراته .
أما الحسم النهائي فلا أتصور_من وجهة نظر مراقب مدني وليس عسكريا_ أنه لا يمكن للتحالف مهما بلغت قوته وقدراته الوصول إليه مالم يقف اليمنيون معه وقفة صادقة ، وقد اطَّلعتُ على كثير من المقالات والمقابلات والتحليلات ، التي تتحدث كلُّها عن تقصير التحالف وَمَا ينبغي أن يفعله ، وكثير مما قِيل فيها صحيح ، إلا أن نقد الحالة اليمنية وبيان أثرها في تأخير الحسم ، قليلاً ما أقف على شئ منه لاسيما عند الكتاب المحليين ،
مع أن هناك الكثير مما يستدعي النقد ، بل والنقد الشديد أيضا ، وهو من السوء بحيث لا يخفى على أحد ،فاليمنيون انتقلوا من حالة القَبَلِيَّة التي تجعل أوامر شيخ القبيلة فوق أوامر القانون ، إلى حالة معاكسة في الاتجاه ومساوية في القوة ، وهي حالة المجتمع الذي ليس له كُبَرَاء مطاعون ، وكلا الحالين شر محض.
فالحالة الأولى عاشها اليمن أربعة عقود بعد الجمهورية حالت بين اليمن وبين سيادة الدولة ، وجعلت من أرض اليمن بيئة خصبة لحياة التخلف بجميع أشكاله .
ثم انتقل أكثر اليمنيين الذين يُعَوَّل عليهم في الحوادث الجسام إلى الجهة المعاكسة فأصبحوا لا ينصاعون للرئاسات العشائرية التقليدية ، بل أصبح الكل يزعم أنه شيخ العشيرة وكبير القوم حتى صرنا نرى القبيلة الواحدة منها عشرات الرجال كل منهم يزعم أنه الزعيم المطاع ، وحين تستقصي الأمر لا نجد أياً منهم زعيماً مطاعا، فقد تغير مفهوم الشيخ لدى الكثيرين وأصبح من يدفع أكثر هو الشيخ.
بين تلكما الحالتين حالة وسط لم يعرفها الشعب اليمني حتى الآن إلا قليلاً ، وهي التوحد حول قيادات تعمل لصالح اليمن، واليمن فقط، بعيداً عن الاعتبار القَبَلِي الصِّرف الذي يغضب لغضب الزعيم ويرضى لرضاه دون أن يُسْأل فيم رضي الزعيمُ وفيم غضب ،
وبعيداً أيضا عن طاعة مُدَّعِي الزعامة بناء على ما تستطيع أن تقدمه كفاه من المال، حيث مقدار الإعطاء عِنده هو معيار الزعامة .
إذا استطاع الشعب اليمني أن يصل إلى هذه الحالة الوسط ويُكَوِّن لنفسه قيادات شعبية يسير وراءها لأنها تنصح له وتسعى لرفعته وإنهاء مأساته ، فهناك يمكن لدول التحالف العربي أن تحسم المعركة بمعية الشعب المتحد وراء قياداته الصادقة شعبيةً وسياسيةً .
خُضْ معي هذه التجربة واجلس مع اثنين من أدعياء الزعامة الحاليين ، قبليين أو فكريين ، واختر أن يكونا من توجه واحد ، كل واحدٍ منهما اجلس معه على حده ، واستمع ماذا سيقول لك عن صاحبه الذي هو وإياه من تيار واحد ، وكم قصة سيرويها لك عن خيانة رفيقه واعتدائه على الأموال والأسلحة التي يقدمها التحالف أو احتجانه المساعدات الإنسانية التي وصلت إليه ، أو بيعه للوقود الذي سُلِّم إليه ، كل واحد من هذين الزعيمين سيقول لك القصص نقسها عن الآخر ، وربما يكون كل منهما صادقاً.
هل يمكن لشعب قياداته القبلية والفكرية والسياسية بهذا المستوى أن يساهم في حسم المعركة ؟
أستبعد ذلك .
إذا لم يكن الشعب قادراً على التوحد وراء فكرة الحسم ، فلن يكون بمقدور التحالف الوصول للحسم أبداً ، وسينتظر اليمن سنوات وهو على هذا المنوال ، وربما تضطر دول التحالف لنفظ يدها من اليمن والاكتفاء بحماية حدودها وترك أهل اليمن حتى يَعُوا بأنفسهم حجم المأساة التي يتقدمون نحوها حين لا يستطيع اليمني دخول صنعاء أو صعدة إلا بكفيل كما هو الحال في العراق حيث لا يستطيع أهل الأنبار دخول بغداد دون كفيل .
حاولت الولايات المتحدة وهي أقوى دولة في العالم حسم الأمر في الصومال وفق رؤيتها لكنها لم تستطع بسببٍ واحد وهو أن الصوماليين لم يقفوا مع مشروعها في الحسم .
وحاولت دول حلف الأطلسي بلوغ الحسم في أفغانستان ، لكنها فشلت لأن شعب الأفغان لم يقف مع وجهتها في الحسم.
إذا أراد اليمنيون الحسم ، فليقفوا جميعا خلف قيادات وطنية عاقلة ، وليرتفعوا عن مستوى رهن المواقف بالمصالح الذاتية أو الحزبية ، وإلا فسوف تبقى اليمن كالصومال وأفغانستان .
أين المظاهرات الشعبية التي خرجت إبان الثورة على علي عبدالله صالح وكانت كما يزعمون تُحَرِّكُها الأحزاب والتجمعات اليمنية ، هل تلك الأحزاب والتجمعات عاجزة عن تكرار مثل تلك المشاهد ، أم أن حسم المعركة لصالح التحالف وضد الحوثي لا يستحق من هذه الأحزاب والتجمعات حث كوادرها على مثل تلك التضاهرات؟!
أم أن تلك الأحزاب والتجمعات لا تريد أن تعمل لليمن وإنما تريد أن تعمل لنفسها ، وأن سبب إخراجها لقواعدها الشعبية إبان الثورة على صالح هو أنها وُعِدت ذلك الوقت بنصف الكعكة أو بالكعكة كاملة ، ولن تعمل الشيء نفسه لصالح الحسم حتى تحصل على الوعد نفسه ، لأجلها هي ، لا لأجل اليمن ؟!
الأرض الصلبة لعملية الحسم بِيد اليمنيين أنفسهم ، فليصدقوا مع الله ثم مع أنفسهم ، ويتحدوا خلف قيادات شعبية ناضجة محبة لليمن لا لنفسها .
وعلى دول التحالف أن تساعد اليمنيين في الاتحاد خلف مثل هذه القبادات ، فليس لها أن تُسَلِّم الجمل وما حمل لأناس تكررت خيانتهم وتكرر كذبهم ، وعليها أن تُحَاسب علناً كل من أخذ قرشاً وتسأله أين صرف ذلك القرش ، وكل من أخذ بندقية وتسأله أين ذهب بها ، وتفضح هؤلاء الخونة أمام شعبهم وتجعلهم عبرة لمن يعتبر.
د.محمد بن إبراهيم السعيدي
وضعت قلمك على الجرح د.محمد ولكن اليمن شعب عنيد لن يحكّم العقل إلا عند فوات الأوان فعلى التحالف النظر بجديّة لهذا الأمر والتعامل معه بحكمة..
سلمك الله شيخنا الحبيب . ما أحوج اليمنيين إلى ما ذكرت ، وأرشدت . فبيانك شافي ، ونصحك كافي .
وما عترفناك إلا ناصحا ، ومحترقا لوضع الأمة ، وحال المسلمين .
التحالف عمل ماعليه لكن الخيانه وسياسية شراء الذمم حطمت كل خطط التحالف فمن تجده نهارا يعمل لصالح التحالف تجده مساء يعمل لصالح الحوثيين وصالح لدرجه انهم ياخذون اسلحه ومؤن من التحالف وتباع للحوثيين وصالح الأمر يحتاج لأبناء اليمن المخلصين الاحرار يحسمون الموقف بضربه موجعه للخونة.