الأربعاء - 11 جمادى الأول 1446 هـ , 13 نوفمبر 2024 م
آخر الأخبار
السياسة السعودية وتناقضات الحركيين
تكبير الخط تصغير الخط
حينما نبحث عن مطالب الحركات الإسلامية وخاصة حركة الإخوان المسلمين التي كانت تُعلِنها قبل الخريف العربي نجد أنها :تطبيق الشريعة والجهاد في سبيل الله والولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين وجمع الأمة الإسلامية .
وهذه المطالب انقلبت بوضوح بعد خريف الثورات وإن كانت إرهاصات إنقلابها قد ظهرت قبلُ عند بعض السباقين إلى التجديد الفكري المزعوم كراشد الغنوشي زعيم النهضة التونسية وعضو الاتحاد العالمي للإخوان، وأصبح المطلب هو:”الحرية قبل تطبيق الشريعة” شعاراً تماهوا فيه حتى أعلن بعضهم
صراحةً: أن العلمانية هي الإسلام ، بعد أن ناهضوا الحكومات وحكموا بتكفيرها لسنين طويلة بتهمة العلمانية وعدم تطبيق الشريعة ، وأصبحوا أيضا لا يتحدثون عن الولاء والبراء ويرفعون شعار الأخوة مع النصارى ، وتقدموا في ذلك كثيراً فأجازوا ولاية الكافر بحجة أن الدولة دولة مؤسسات مدنية والْمُهِمُّ في إدارتها:اختيار الأقدر ،سواء أكان مسلماً أم غير مسلم،ومنهم من يتحرج من تسمية غير المسلم كافراً ؛ حتى إن عالماً كالشيخ يوسف القرضاوي لم يستنكف في أحد لقاءاته من تبرئة اليهود من المسخ ، مع أنه كان قبلُ في خُطَبِه يصفهم بأبناء القردة والخنازير.
وأحد زملائه في الاتحاد العالمي لمن يسمون انفسهم علماء المسلمين يضرب بكل دروس الولاء والبراء عرض الحائط ليفتي السعوديين بالهجرة من السعودية إلى دول أوربا !.
نعم هناك الكثير من الإسلاميين المنتمين إلى أصول فكرية سلفية ويُسميهم البعض بالتيار السروري ، يختلفون مع الإخوان في تنحية المطالبة بالشريعة وتقديم الحرية، وكذلك يختلفون معهم في التراجع عن مبدأ الولاء والبراء؛لكنهم يعتذرون لهم بالسياسة الشرعية ومراعاة الواقع والتدرج في إظهار الحق ، ولذلك أيدوهم في كل مواقفهم بعد الخريف العربي ، وشاركوهم أيضا في عواطفهم السياسية التي تقف دائما متَّهِمةً السعودية بكل آفة ،مُسدية الأعذار والتبريرات والإشادات المتتاليات إلى قطر وتركيا.
وآخر تقليعاتهم في ذلك: النعي على السعودية ما يحصل فيها من خروج عن نطاق الفتوى الشرعية لمؤسسة الفتوى الرسمية في بعض القضايا المتعلقة بالمرأة والترفيه ؛ ومع أنني لست مع هذا الخروج عن الفتوى الرسمية وأرجو الله أن أبقى على هذا التوجه في فهم النص الشرعي حتى ألقاه سبحانه وتعالى وأسأله أن يوفقني لذلك ويعينني عليه ،إلا أنني أستنكر كثيراً أن يأتي هذا الإنكار على أَلْسِنَة الحزبيين أو المتعاطفين معهم ، وذلك لأمرين:
الأول: أنني لا أعلم أنهم كانوا يثنون على السعودية قبلهذا الانفتاح ، فلم يكن وقوف السعودية عند هذهالفتاوى مصدر إعجاب لهم ، بل على العكس من ذلك كانبعضهم ينتقدون السعودية بحدة على أخذها بهذهالفتاوى ، فالشيخ الغزالي رحمه الله في ١٤١٢ يصف فقههيئة كبار العلماء بالفقه البدوي ، والشيخ القرضاوييرسل للملك عبدالله عام ١٤٣٢هـ يطالبه بالسماح للمرأةبقيادة السيارة، وعزام التميمي يرى أن هيئة كبار العلماءالسعودية تعيش في فترة أكثر ظلامية من الكنيسةالأوربية في عصور الظلام ؛ ومن كان من فقهائهم يوافقهيئة كبار العلماء على فتاواها لا يُعْرَف عنهم الثناء علىالمملكة والتزامها؛ بل كان قصاراهم الصمت ، هذه هيالسِّمَة الغالبة ، ولكل حالة استثناءات .
الأمر الآخر: أن ما يجري في السعودية مما يُسمى انفتاحاً ، كله دون استثناء لا يتعارض مع فتاوى كبار مفتي الإخوان ، وإذا أخذنا الشيخ القرضاوي عنواناً لهم نجد أنه يفتي بجواز اختلاط الرجال والنساء في محال العمل والأفراح ،وسفر المرأة دون محرم ،وكشف الوجه وتزيينه ، وممارسة المرأة للتمثيل التلفزيوني والسينمائي والسباحة بملابس البحر عند الضرورة ، ويجيز الموسيقى،والغناء العاطفي ،للرجال والنساء ويستثني ما كان داعياًلفحش أو مخالفاً لآداب الإسلام ؛ وأكثر ذلك هو ما تقوله هيئة الترفيه في السعودية نسأل الله تعالى أن يهدي القائمين عليها لما اختُلِف فيه من الحق .
لذلك لا يمكنني أن أفهم إنكار من ينكرون من الإخوان على ما يُوصف بالانفتاح الحاصل في السعودية إلا أنه تناقض ليس مبعثه الدين ولا الغيرة عليه ؛ بل مبعثه معارضة سياسية وحسب ، فليس اعتراضهم على الدولة حين كانت متوافقة مع فتاوى الهيئة لأنها متوافقة معها ،كما أن اعتراضهم على الدولة حين خالفت فتاوى الهيئة ليس لأنها خالفتها ؛ بل لأنهم حزب معارض سياسي ، ضد الدولة فقط ؛ شأنهم كشأن أي حزب معارض سياسي ينتقد الحكومة لأنه خارجَها ، فإذا تولى الحكم قام بالأفعال نفسها التي كانت الحكومة السابقة تمارسها ، فهذه الأعمال صحيحة وموافقة بفتاواهم حين تمارسها قطر ، لكنها تغريب وانحلال وخضوع للضغط الغربي حين تفعلها السعودية ؛ وقد تجلى ذلك بوضوح في الفترة القصيرة التي حكم فيها الإخوان مصرَ ، فمن الأمثلة الصارخة عليه: أن حكومة حسني مبارك العلمانية كانت تمنح الأندية الليلية تصريحات يتم تجديدها كل سنتين ، وكان الرئيس مرسي إبان عضويته في مجلس الشعب ينادي بتطبيق الشريعة، وحين قامت حكومة الإخوان الإسلامية برئاسته قرر تمديد التصريحات لثلاث سنوات من باب إثبات البراءة من الانتماء الديني ، وهم يتأولون ذلك بأنه من السياسة الشرعية ، كي لا يرفضهم العالم ، والأمثلة غير هذه كثيرة.
ويظهر لي :أن اتخاذ الدين ألعوبة سياسية،ومخادعة عواطف الناس به ،هو أحد أسباب الخذلان التي مُني بها الإخوان منذ تأسيس حركتهم عام ١٣٤٦ وحتى يومنا هذا ، فالله تعالى يقول ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزيزٌ﴾[الحج: ٤٠] فاستمرار الخذلان مدة قاربت المائة عام مع دعاواهم المتكررة نصرةَ الدين ،لا بد أن يحملهم على التفكر في أسبابه ، فالله تعالى لا يخلف وعده .
أما المتعاطفون معهم من ذوي الانتماء السلفي ،فأكثر الناشطين منهم أيضا لم يكونوا يثنون على الدولة السعودية لِمَا تلتزم به من فتاوى هيئة كبار العلماء ؛بل كانوا يرونها مقصرة ومفرطة وداعمة للليبرالية والتغريب ، وليس ذلك الآن ؛بل منذ نشأة هذا التيار أواخر التسعين الهجرية ، ورغم قيام الدولة بكل ما تتمناه أي شريحة متدينة في أي بلد في العالم من تعليم ديني وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وإقامة لشعائر الله ودعوة في الداخل والخارج ، ودعم للجهاد ؛ وغير ذلك من الخير الذي لم تقطعه الدولة حتى في أحلك ظروفها المادية والسياسية ؛ فقد كانوا شديدي النقد لها والتقليل مما تقوم به .
ثم نراهم اليوم ينكرون ما يسمونه انفتاحاً، على السعودية وحدها ؛ولا يرى كثير منهم الثناء عليها حتى في جوانب بعيدة عن الانفتاح والتغريب كنشاطات وزارة الشؤون الإسلامية والنشاط الأمني والتنموي والاقتصادي ؛ ولا يرون التماس الأعذار لها ؛ هذا مع أن كثيراً منهم لا يجد غضاضة في الثناء على دولة مثل تركيا في كل شئ ، كما يلتمسون لها العذر في كل تقصير ديني مهما عظم خطبه ، وبالرغم من مرور أربعة عشر عاماً على حكم حزب العدالة إلا أنه لا يزال معذوراً عند هؤلاء في كل ما يحاول الآخرون انتقاده به من زاوية دينية ؛ وأنا في هذا المقال لست معنياً بتوجيه اللوم إليه أو التماس العذر له ؛ لكنني معني ببيان التناقض الذي تقع فيه التيارات الحركية الإسلامية ؛ وهو تناقض شديد الجلاء للعيان لدرجة تضعف الثقة بالرؤية السياسية لهم ، كما تضعف الثقة بتجردهم في تقدير المواقف وتقييم الواقع .
نعم سأتفهم هذا التناقض -ولو لم أقبله-من سياسي متجرد للسياسة النفعية ، أما من يزعم أنه ينطلق في نظرته وتقييمه من الدين والشريعة والحق والعدل فلن أتفهم موقفه بل سأرميه بالهوى والقصور والظلم .
وكيف لا أفعل ذلك مع من يرمي السعودية بالتآمر مع الكيان الصهيوني من أجل ما أسموها صفقة القرن، مع أن السعودية ليس بينها وبين هذا الكيان أي علاقة ؛ بل لا يوجد حتى تسريب موثق بصورة أو صوت أو حتى من جهة متخصصة بالتسريبات كويكيلكس عن علاقة رسمية ، من هذا النوع ؛ بينما نجده يعلي من شأن قطر وتركيا وموقفهما من الكيان الصهيوني مع أن العلاقة بينهم أشهر من أن تُعَرَّف وعلى صُعُد عالية جدا ،دبلماسية وتجارية بل حتى على مستوى التصنيع الحربي الذي لا يتوقف التبادل به حتى مع التوقف المؤقت للتمثيل الدبلماسي الذي يحدث بين الفينة والأخرى تضامنا مع أهل غزة ، مع أن المنطق يقول أن الذي ينبغي توقفه تضامنا مع غزة هو علاقة التصنيع العسكري !
وكذلك عند الحديث عن العلاقة مع الولايات المتحدة نراها في موضع التخوين والاتهام بالعمالة والانصياع حين تكون مع السعودية التي لا تحتضن قاعدة أمريكية وليست في حلف الناتو وتترأس تحالفاً عسكريا إسلاميا ، وهي بحق في حاجة لتحالف مع أمريكا لوقوفها فعلياً في حرب حقيقية مع عدو صفوي خبيث .
بينما قطر وتركيا تتضمن أراضيهما قواعد أمريكية كبرى وإحداهما حليف في الناتو والأخرى تستجدي الناتو حلفا ،هاتان الدولتان عندهم مثال الولاء والبراء والقوة على الأعداء …
صور عديدة من التناقض الذي لا يمكن أن يثبت إلا على صفحة من العداء السياسي لا غير ، أما صفحة العدل في القول والفعل الذي أمر به الدين فهي تأباه وتفضحه .
إنما في هذا الخضم من الفتن المتسارعة والمشتبهات لا نجد دولة أصدق موقفاً ولا أولى بالمؤازرة والتأييد والثناء من السعودية ، وإن وقف أحدنا مختلفا مع قرارها أو غير متفهم له في جزئية هنا أو هناك فإن تغليب الاختلاف في الجزئيات على عموم المصلحة ضيق في العطن وانعدام في رؤية الأفق وانصياع لأمراض القلوب.
د محمد السعيدي
الله يخليك ياشيخ ويبارك فيك والله اني ارتاح واطمئن بعد قراءة مقالاتك
وفقك الله يادكتور وفيت وكفيت ووضعت النقاط على الحروف وتكلمت في هذا المقال الرائع عمّا يختلج في نفوسنا.
بارك الله فيك يادكتور
وتسخيص واقعي جدا
نفع الله بك
مقالة من الطراز ((الفخم والقوة والهيبة)) بوصف حركة الاخوان وتصوير حالهم بين الحين والآخر على حساب ادعاء الثورات وهو خراب البلاد والعباد
شكراً يادكتور بيض الله وجهك على هذا المقال المختصر المفيد لقد أفدت واجدت
شكرالله سعيك وبارك في عملك يامعالي الدكتور فقد بينت ووضحت ماهم عليه و ماتكنه صدورهم لهذا البلد من عداء مستغلين الدين لتمرير حقدهم وافتراتهم فالحمدلله الذي رد كيدهم في نحورهم ووفق علما مثل معاليكم لفضح توجهاتهم وكشف اساليبهم
حفظ الله المملكة العربية السعودية من كل شر وحفظ خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وعلمانا المخلصين وشعبنا العظيم من كيد الكايدين وحقد الحاقدين
جزاك الله خير
كلام من ذهب
لله درك على هذا الأيضاح… وجعله حجة لك عند رب العالمين،،،، لنصرة الحق وأهله…
انعم الله علينا بالحاكم والعالم .
جزاك الله خير شيخنا
أحسنت بارك الله فيك يادكتور محمد – تكلمن بما بحت به حلوقنا وكلت به أيدينا ونحن نتحدث لهؤلاء المتناقضين ولكنهم لايفقهون حديثا …. جزاك الله خير
ماشاء الله تبارك الله
وصف حقيقي لما هي عليه المملكة ، ..
صدق في جنبات التحليل الواقعي ، وطرح أوجه وآراء الأحزاب ضد المملكة بشيء من الحقائق والأدلة الدامغة ، بوركت وبورك فيك
جزى الله الشيخ السعيد خيرا على هذا البيان الذي يعري جماعة الإخوان ورموزها، كما يظهر تناقضهم وتذبذبهم ومخالفتهم نصوص الشريعة الإسلامية.
كفيت ووفيت يا دكتور محمد في هذا الطرح وهناك المشكلة أن السروريين لا يزالون يبحثون سمومهم في المجتمع متقمصين للسلفية لا بدّ من فضحهم وتعريتهم أمام المجتمع لوقف تأثيرهم
سلم بنانك ولا فُض فوك يافضيلة الشيخ وأرجو ان تعطي هذا الموضوع المزيد من الطرح والتوضيح والبيان لكشف زيف دعاوى الخونة والمخدوعين بهم ادعياء الدعوة الزائفة
وتأهب للهجوم الجماعي من احزاب الخراب ثبتك الله على سواء السراط
اسأل الله انه يحفظك ويثبتك وجميع المسلمين ي ليت كل الناس تقراأ المقال.
جزاك الله خير
جزاك الله خير يا شيخ ووفقك وسددك لكل خير ، اصبت كبد الحقيقة ففي نظر الحزبيين كل محرم حلال ان كان مرتكبه من حزبهم والشواهد كثيرة جدا بل ويبررون المحرمات اللتي يرتكبها حزبهم بالايات والاحاديث
الاخوان المسلمون حزب سياسي لبس عباءة الدين ليتمكن من تحريك الشعوب العربية باسم الدين ، كما حدث في ايران واستولى الخميني المجوسي على الحكم باسم الدين .
بارك الله فيكم والمملكه في حاجة ماسه لمن يوضح سياسة من يتخذ الدين الاسلامي شعار للوصول للحكم امثال الاخوان الذين انخدع بهم من عنده ضعف في اهداف الاخوان
أحسنت يا شيخ وفاء وعرفان من قلمك في حق بلادنا المباركة،، حفظ الله عقيدتنا وديننا ووطننا وولاة أمورنا من شر الأشرار وكيد الفجار
احسنت الوصف يادكتور بارك الله فيك .. نعم القلم قلمك ، هكذا نريد من الاشخاص الفضلاء امثالك ان تعري هذه الحزبيات المقيتة اللتي ترفع شعارات الدين وهو منهم براء
بارك الله فيك يا دكتور وأسأل الله أن ينفع بك وبعلمك وأن يكون قلمك وفكرك النير سيفا يقطع كل يد تمتد للدين أو الوطن
وأسأل الله أن يخذل كل من خذل الدين
وأن يكشف كل من تأمر على المملكة العربية السعودية
مهبط الوحي ومهد الرسالات
شكرا من الأعماق لكل حرف سطره قلمك
سلمت فيما قلت وبارك الله فيك وفي فكرك النير
وحفظ الله الوطن من كل مارق
وكل سوء ومكروه
بارك الله فيك يا الشيخ
واتمنى ان يقرأ كلامك هذا كل محب لتهج الاسلامي حتى تتضح له الرؤيا لان الحقيقه
التدليس كبير على الناس مما يجعلهم يؤيدون اصحاب الفتن عن حسن نيه
جزاك الله خير على هذه الشجاعة
لقد وضعت النقاط على الحروف جزاك الله خيرا
مقال رصين ، وواقعي ، وملموس .
جزيت خيرا شيخنا الحبيب , وحفظك ذخرا للإسلام والمسلمين .
درر وتحليل منطقي وعقلي رائع