آخر الأخبار
السياسة الإعلامية السعودية صمام أمان .
تنعم المملكة العربية السعودية بأعظم وأسمى وأرقى وأفضل منظومة وثائق دستوريَّة وقواعد تنظيمية في العالم، لا أقول ذلك مبالغة؛ بل حكايةً للواقع ونشرًا للخير وإشادةً به، وأجزم أن من واجب وسائل الإعلام في بلادنا ومن واجب المثقفين والكُتَّاب دوام إبراز هذه الخصيصة لدولتنا الطيبة، والتَّذكير بهذه الوثائق والقواعد، فمن فوائد ذلك: إظهار النعمة التي نحن فيها لاستدامة شكر الله عليها ثم شكر القيادات السعودية المتعاقبة بمزيد الدعاء لميِّتهم بالرحمة ولحيِّهم بالأجر العظيم ودوام التوفيق، ولا يفوتني التذكير بأنَّ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله كان أحد أعمدة الأسرة المالكة المشاركين في الإشراف على إنشاء الكثير من هذه الوثائق والقواعد، وأخص منها: النِّظام الأساسي للحكم، والذي يُعدُّ أعلى وثيقة دستورية في البلاد. كما أنَّ مِن فوائد الإشادة بهذه الأنظمة: مماراة المزايدين على بلادنا الذين يقفون منها موقف الناقد حينًا وموقف الواعظ حينًا وهم لم يبلغوا مُدَّ بلادنا ولا نصيفه في بناء الأنظمة على الدين والعمل به. ومن فوائد الإشادة أيضًا: تذكير موظفي الدولة وموظفي المؤسَّسات العاملة في المملكة العربية السعودية من كبار الإداريين حتى صغار الموظفين بهذا الأنظمة التي قد يغفلون عنها بسبب كثرة التعاميم واللوائح التفسيريَّة والقرارات الإدارية، ولا شكَّ أن استحضار هؤلاء لها من أعظم الدَّوافع للعمل، ودافعٌ كذلك لتدقيق الرقابة على من يتجاهلها أو يُفَوِّت مُراعاتها.
وأخصِّص هذا المقال للسياسة الإعلاميَّة في المملكة العربية السعودية المنشورة في موقع وزارة الإعلام والصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم: (169) وتاريخ: 20/10/1402هـ فهي سياسة يمكن تصنيفها ضمن الوثائق الدستوريَّة، وتتضمن قواعد مَجِيدة لا يملك المنصف إلا رفع الرأس بها فخرًا.
ولنقف بدايةً أمام ديباجة هذه الوثيقة، والتي تقول: “وتنبثق هذه السياسة من الإسلام الذي تدين به الأمه عقيدةً وشريعةً، وتهدف إلى ترسيخ الإيمان بالله عز وجل في نفوس النَّاس، والنُّهوض بالمستوى الفكريِّ والحضاريِّ والوجدانيِّ للمواطنين، وإلى معالجة المشكلات الاجتماعية وغيرها، وإلى تعميق فكرة الطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر، والحض على احترام النظام وتنفيذه عن قناعة”. هذه الديباجة تؤسِّس لإعلامٍ ذي مسؤولية عظيمة؛ إذ إنَّ أول ما يعتني به هو الإسلام عقيدةً وشريعة، فمن جهة العقيدة لا تعني الديباجة وحسب أنَّ المواد الإعلامية التي تُنشر أو تبث في الإعلام السعودي لا تخالف عقيدة الإسلام، بل تعني أيضًا أنَّ هذا الإعلام يؤصل لهذه العقيدة، ويدعو لها، ويعمل على تربية الأجيال عليها ونبذ ما يخالفها؛ ومن جهة الشريعة تعني أنَّ كل ما يتضمنه الإعلام السعودي يجب أن يكون موافقًا للفقه الإسلامي، وداعيًا إليه، ونابذًا ورَادًّا على ما يخالفه؛ لأن ذلك هو ما يعمل على ترسيخ الإيمان في النُّفوس الذي نصَّت الديباجة عليه، إذ إنَّ نشر أو بثّ ما يخالف العقيدة والشريعة لا يرسخ الإيمان في النفوس وإنما يعمل على زعزعة الإيمان والتَّأسيس للشَّك والاضطراب العقدي والانحراف الديني، وكل ما ورد في الديباجة تؤكده وتفصِّله موادُّ هذه السياسة، ولننظر إلى المادة الأولى مثلًا فهي تقول: “يلتزم الإعلام السعودي بالإسلام في كلِّ ما يصـدر عنـه وفـق عقيـدة سـلف هـذه الأمـة، ويستبعد من وسائله جميعها كل ما يناقض شريعة الله التي شرعها للناس”. وهذه مادَّة عظيمة تنصُّ على النَّهج السلفي في السياسة الإعلامية، كما تنصُّ على عملٍ إجرائي، وهو: استبعاد ما يناقض الشريعة. ويُلاحظ العموم في المادة، فالإعلام السعوديُّ لا يعني وسيلة واحدة؛ بل جميع وسائل الإعلام مقروءة ومرئية ومسموعة، كما لا يخص الوسائل المملوكة للدولة، بل يعم كل الوسائل التي للدولة سلطة الولاية عليها أو على مالكيها.
وتتجه الماد الثانية إلى الجانب الوقائي، فهو مسؤول عن وقاية المجتمع من الفكر الضال بمختلف توجهاته، تقول المادة الثانية: “يعمل الإعلام السعودي على مناهضة التيَّارات الهدَّامة، والاتجاهات الإلحاديَّـة، والفلسـفات المعاديـة، ومحاولات صرف المسلمين عن عقيدتهم، ويكشف زيفها، ويبرز خطرها على الأفراد والمجتمعـات، والتصدِّي للتحديات الإعلامية المعادية بما يتفق مع السياسة العامة للدولة”. فهذه المادة تحتوي على كميَّة عظيمة من الوعي بالمخاطر الفكرية التي تستهدف الأمة؛ وتُوجب التعامل معها وإبراز خطرها، ومن تلك المخاطر التي نصَّت المادة عليها: التيارات الهدَّامة، وهي كل منظومة فكرية ينتج عنها هدم الدين أو هدم الأخلاق أو هدم الوطن؛ سواء أكانت منطلقاتها دينية أم غير دينية. ومنها: الاتجاهات الإلحاديَّة، وتعني: أيَّ مسلك فردي أو مذهب فكري ينطلق من مبادئ مُنكرة للدين أو منكرة لوجود الله تعالى، أو توجه فكري يؤدي إلى الإلحاد بنوعيه ولو لم يكن منطلقه إلحاديًّا.
وتأتي الماد العاشرة خاصة بالمرأة لتقول :”مع التسليم بأنَّ النساء شقائق الرجال فإن وسائل الإعلام تلحـظ في عمـق الفطـر الخاصـة بـالمرأة الوظيفة التي أناطها الله بها وتعمـل علـى أن تخصـها بـبرامج تعينهـا علـى أداء وظائفهـا الملائمـة لفطرتها في المجتمع”. فالإعلام السعودي وفق السياسة الإعلامية لا يخضع في تفسير المساواة بين الرجل والمرأة للنَّموذج الغربي، ولا يقوم بتأويل الأحاديث بعيدًا عن فهم السلف لكي توافق طروحات الغرب؛ بل يُقدم رؤيته المستقلة ونظرته المنطلقة من تراثه الديني وإرثه الحضاري .
ثم تأتي المادة الحادية عشر، وهي مادة سائر مواد هذه الوثيقة في عظمتها ونُبلها لتتحدث عن موقف الإعلام السعودي من الشباب، فتقول: “يرعى الإعلام السعودي الشباب رعاية خاصـة تنبثـق مـن الإدراك الـواعي للمرحلـة الخطـيرة الـتي يمرون بها؛ ابتداء من سنِّ المراهقة إلى بلوغ سنِّ الرشد، وتخصص لهم البرامج المدروسة التي تعالج مشكلاتهم، وتلبي حاجاتهم، وتصونهم من كل انحراف، وتُعِدُّهم إعدادًا سليمًا قويًا في الدين والخلـق والسلوك”. فالسياسة الإعلامية من منطلق نظرتها للشباب باعتباره مرحلة خطرة تعمل على التأني فيما يقدم لهم، وأن لا يكون ذلك إلا بعد دراسة فاحصة لكل مُنتَج يُخاطبهم.
وتؤكد المادة الثانية والعشرون على غاية عظيمة من غايات الإعلام السعودي، أكاد أجزم أنها ليست في البال لدى أي سياسة إعلاميَّة أخرى في العالم الإسلامي، ونصُّ المادة: “يؤكد الإعلام السعودي على أنَّ الدعوة إلى الله بين المسلمين وغيرهم قائمـة دائمـة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولذلك فهو يقوم بنصيبه في أداء هذا الواجب الجليل سالكًا في دعوته إلى لله سبيل الحكمة والموعظة الحسنة، معتمدًا على مخاطبة الفكر، ومبتعدًا عن كـل مـا مـن شأنه أن يثير حفائظ الآخرين”. فإذا كانت سياسة الإعلام تعتني بالدعوة إلى الله فهي بالتالي لا تجابه أهل الدعوة، ولا تقف في وجوههم أو تعمل على تشويههم وإسقاطهم، وإذا كانت لا تثير حفائظ الآخرين فهي بالتالي لا تثير حفائظ المواطنين بالاعتداء على مسلمات الدين والوطن.
وهذه المواد نماذج وحسب من هذه الوثيقة؛ إذ تحتوي على ثلاثين مادة كلها على هذا المستوى من الرقيِّ والجزالة والإحاطة، وتنتهي بالمادة الثلاثين التي تنصُّ على وجوب أن تعمل جميع المؤسسات الحكومية وفق هذه الوثيقة .
ومن منطلق هذه السياسة الفريدة الرائدة نرى أنها تخاطب جميع القائمين على وسائط الإعلام الفردية من كُتَّاب ومتحدثين في وسائط ما يسمى: الإعلام الاجتماعي، كما تخاطب القائمين على الإعلام الثقيل من صحف ومجلات ورقيَّة وإلكترونية، ومن محطات تلفزيونية وإذاعية، فعلى كل هؤلاء أن يضعوا هذه الوثيقة في اعتبارهم، وأن يتأملوها جيدًا قبل أن يقولوا كلمة، أو يسطروا حرفًا، أو يُجيزوا مادةً للنشر وهي تخالف مواد هذه الوثيقة.
إنَّ العمل ببنود هذه الوثيقة ما ذكرتُه منها ومالم أذكره كفيل بأن يجعل إعلامنا السعودي الحكومي والخاص هو الإعلام الأول عربيًّا وإسلاميًّا؛ لا من حيث المتابعة، وإنما من حيث التأثير الإيجابي الذي يعيد المملكة العربية السعودية لتكون قطب المسلمين في انتمائهم الفكري والديني وتعاطفهم السياسي، كما أنها قطب المسلمين ومهوى أفئدتهم في صلاتهم وعبادتهم .
أحسنت صنعا نفع الله بما تكتب
بارك الله فيك ونفع بك وأنقذ اعلامنا من غرقه و فتح عليه وأراه الحق حقا ورزقه اتباعه وأراه الباطل باطلا ورزقه اجتنابه
شكر الله لك د محمد وابراز هذه السياسة الاعلامية المتينة والمميزه مطلب
وحبذا ابراز غيرها من سياسات مماثله لها
وادام على بلادنا امنها وايمانها وتميزها
جزاك الله خيراً يا شيخ محمد على هذه اللفتة الجميلة والرائعة
فكم نحن بحاجة إلى تظافر الجهود للوقوف في صف دولتنا وولاة أمرنا وفقهم الله وأعانهم لمواجهة الحروب الخفية والمعلنة التي تستهدف ضرب الأسس والقواعد التي تقوم عليها هذه الدولة المباركة وتشويه صورتها بتغييب المحاسن وتهوينها وإظهار المعايب وتهويلها !!
وأولى الناس بالذب عن هذه البلاد المباركة والوقوف في صف ولاة أمرنا هم العلماء والدعاة والخطباء ورجال الاعلام ..
نسأل الله تبارك وتعالى أن يحفظ لهذه البلاد عزها ومجدها وأمنها وإيمانها وولاة أمرها وعلمائها وأن يدحر كيد كل عدو لها إنه قوي سميع مجيب