من وراء مظاهرات الأردن؟

تكبير الخط تصغير الخط

مَن وراء مظاهرات الأردن؟ 

فشلت إيران في صرف الأنظار الإعلامية عن انتفاضة الشعب الإيراني الذي لازال حتى الساعة ينتفض ،وعملت لأجل ذلك أشياء عديدة لكنها حتى الآن لم تنجح .

وكان من آخر ما فعلت العمل على تأجيج مظاهرات في مصر قبل أسابيع وذلك بالتعاون مع أنصارها من الإخوان المسلمين وقنواتهم الإعلامية وناشطيهم في الإعلام الاجتماعي .

لا أستبعد اليوم أن تكون بشكل أو بآخر وراء ما يحصل في الأردن أو أحد من وراء ما يحصل في الأردن .

بالطبع لا أستهين بالأوضاع الاقتصادية والإدارية أن تكون محركاً مهماً لهذه المظاهرات استغلته تلك اليد العابثة لتجعل منه الفتيل الذي يُفجِّر القنبلة ؛ كما لا أُبَرئ بعض الساسة الذين أستطيع القول بصراحة : إنهم أغبياء ، وذلك بإصدارهم قرارات دون دراسة لتوقيتها وأثرها على المجتمع ، ودون إفراغ الوسع في البحث عن حلول أخرى ، وكذلك لا أُبرئ المسؤولين من مسؤوليتهم في التأخر في حل مشكلات الفساد المالي والذي بات مفضوحاً يدركه كل الأردنيين ، كل ذلك معلوم .

لكن الشعب الأردني يلتفت حوله شرقا وشمالاً وجنوباً فلا يرى من ثمار الثورات سوى الزقوم الملتهب ، ولا يمكن أن يكون هذا المصير بعيداً عن وعي الأردنيين ، لذلك لن أصدق أن هذه المظاهرات جاءت عفوية وشعبية صرفة ، بل جاءت بعامل ومحرك خارجي فمن هو هذا المحرك ؟

ابحث عن المستفيد ، فأجد المستفيدين كُثر والأعداء أكثر  .

لكن المستفيد الأكبر من هذه المظاهرات هو نظام الملالي والكيان الصهيوني ، ونظام الملالي أكثر استفادة ، وذلك من جهات عدة :

أحداها : صرف الإعلام العالمي والناشطين في الإعلام الاجتماعي عما يجري في إيران إلى منطقة مهمة دولياً ، ترجع أهميتها إلى قربها من الكيان الصهيوني المُدَلَّل دولياً ، والذي تخاف عليه القوى العظمى أكثر مما تخاف على نفسها في بعض الأحيان  ، والذي سيكون متضررا من جهة ومستفيداً من جهة آخرى ، لكن فائدته من إحلال الفوضى في الأردن بعد تشديد تحصينات كيانه في نظري أكبر ، لأن مثل هذه الفوضى ستكون فرصة كبيرة للصهاينة في إجلاء من يرون ضرورة إجلائهم من الفلسطينيين إلى تلك المنطقة الفوضوية دون أن يشعر أحد، ولا شك عندي أن إيران تفكر وهي تخطط بمصلحة الكيان الصهيوني أكثر مما تخطط بمصلحتها .

ثانيها : أن إثارة الفوضى في منطقة مجاورة للسعودية كالأردن  قد يؤدي من منظور إيران إلى مظاهرات في السعودية وهذا مطلب إيراني .

ثالثا: حاولت إيران اختراق الأردن عبر الصوفية وعبر السياحة الموصوفة بكونها دينية ، لكن ذلك كان عسراً شعبيا ومن ثَمَّ سياسياً ، بسبب معرفة الشعب الأردني وكثير من النواب والمسؤولين بحقيقة الخطر الإيراني لكن الفوضى والمظاهرات سوف تعلي حتماً من شأن المناصرين للاختراق الإيراني وسيكون لها ما أرادت لو نجحت هذه المظاهرات لا سمح الله.

ومعلوم للجميع أن الأردن يقع ضمن منطقة الهلال الشيعي الذي رسمته إيران وتحدث عنه وحذر منه الملك الأردني قبل خمسة عشر عاماً ، وهذا ما يرجح أن المشروع الإيراني ليس مجرد فوضى في الأردن ؛بل مشروع تمكن كامل كما هو في العراق وسوريا .

رابعا : المشروع السعودي بإنشاء شركات استثمارية في العراق والأردن ومصر ، تعمل إيران على وقفه ، ولا يمكن وقفه بغير الفوضى التي تعمل إيران على دعمها من خلال المظاهرات .

لو نجحت هذه المظاهرات هل سيكون لها نتائج إيجابية على الاقتصاد والإدارة ؟

بالطبع : لا ، بل سيكون العكس من ذلك تماماً .

أنصح الأردنيين بإمساك سفهائهم ، كما أنصح الدولة بالحزم في محاربة الفساد الإداري ، فهو سبب أكثر المشاكل الاقتصادية .

هناك دول أُخر تعودنا وقوفها المستمر مع الثورات ، ولو ظهرت علنا هذه الأيام فلن يعني ذلك عدم صحة كون إيران مسؤولة أيضا.

وفي الختام أقول لجميع أهل القرار في الدول العربية والإسلامية : اجعلوا خياركم الأول هو مرضاة الله سبحانه وتعالى ، فإنه عز وجل سيكون معكم إذا كنتم معه ؛ ومن بعده سبحانه فلتكن شعوبكم خياركم ، أنتم المسؤول عن عقولها وعواطفها ، لا تجعلوها نهباً للإعلام المعادي بتقصيركم في الإخلاص في تلبية احتياجاتها ، وما تعجزون عنه من ذلك ، إن كان عجزاً حقيقياً يعلمه الله منكم فسوف يعينكم عليه ، وسوف تعذركم الشعوب على عدم تمامه ، أما ما يعلم الله منكم أن عجزكم مجرد دعوى لا حقيقة لها ، فسيبقى ذلك قرحة في أكباد الشعوب ، يأتي عدوهم وعدوكم ليستغلها في تخريب بلادكم .

نسأل الله تعالى اللطف بعباده ، واستقرار الأردن وأمنه ورفاهه ، وسائر بلاد المسلمين .

التعليقات

3 ردود على “من وراء مظاهرات الأردن؟”

  1. يقول عبدالله الزايدي:

    ما شاء الله
    قراءة وتحليل له وجاهته الواضحة .
    الاشارة الى القرارات الخاطئة مهمة لانها سبب محرك ومهيج .
    الله يصلح احوال المسلمين ويردهم اليه ردا جميلا ويكفيهم شر من اراد بهم شرا

  2. يقول عبدالله الوشمي:

    السلام عليكم
    في هذه المقالة وفقت في جانب ولم توفق في جانب اخر. وهو متعلق بمسؤلية الاطراف الاخرى عما يجري في الاردن. فالكيان الاسرائيلي مصلحته واضحه وهو دعم الاستقرار في الاردن لان اي فوضى ستؤثر على الكيان الاسرائيلي سلباً. اما ايران فذكرت امور صحيحة وحقيقية خاصة ان اي اختلال في الاستقرار في اي دولة عربية يصب في مصلحتها، لكن ليس بالضرورة انها مسؤلة عن هذه الاحداث. لكن فضيلتكم تقول حتى ولو اعلنت جهة ما مسؤليتها “علنا هذه الأيام فلن يعني ذلك عدم صحة كون إيران مسؤولة أيضا.” يعني بمعنى اخر “عنز ولو طارت”. اخي العزيز بعض الشعوب تعاني من ازمات يصعب ان تطيقها ولهذا لا تستغرب لو كان لها ردت فعل قد تصل بها الى حد الانتفاض والتظاهر. الاهم ان لا تستغلها عناصر متطرفة ويستخدم العنف للتعبير عن استنكار بعض هذه القرارات التي يرونها ظالمة بحقهم. ولفضيلتكم كل التحايا والتقدير.

  3. يقول تعليق على تعليق عبد الله الوشمي:

    الأخ عبد الله الوشمي
    ذكرتَ أن الكاتب الدكتور محمد السعيدي قال لو أعلنت دولة عن مسؤوليتها ….
    بحثت عن ذاك في كلام الكاتب فلم أجده ، بل قال : هناك دول أُخر تعودنا وقوفها المستمر مع الثورات ، ولو ظهرت علنا هذه الأيام فلن يعني ذلك عدم صحة كون إيران مسؤولة أيضا..
    ولم يقل لو أعلنت ، وهو يعني في تصوري قطر التي تدعم الثورات ، فإذا ظهر لنا دعمها لثورة الأردن فلا يعني ذلك خلو مسؤولية إيران .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.