وقفات مع بيان المنظمات العلمية وأفراد العلماء حول العدو الإيراني

تكبير الخط تصغير الخط

وقفات مع بيان المنظمات العلمية وأفراد العلماء حول العدو الإيراني

منذ أيام قام مجموعات من المنتسبين إلى جمعيات دينية وعدد من الأفراد ، وكلهم من طلبة العلم الشرعي ، وإن كانوا يطلقون على أنفسهم لقب العلماء ، ولا نعلم هل هم علماء على الحقيقة أم لا ، لكن هكذا وصفوا أنفسهم ، ونحن نصفهم بما وصفوا به أنفسهم ، وقد قاموا بإصدار بيان قوي ومتميز ويفيض بالحقائق عن إيران وما تحمله من عداء عظيم لأهل السنة ويتذكرون جرائمهم في العراق وسوريا ،وأنهم لم ولن ينصرو فلسطين ولن ينصروا غزة مهما قدموا لها من فتات ، ويطالبون أهل السنة باتخاذ موقفٍ قوي وواضح من هذا العدو البغيض .. إلى آخر ما قالوه .

ولنا مع هذا البيان -وإن كنتُ أحمده في جملته -بعض الوقفات التي أرجو أن يكون بعضها قد فات الكاتبين سهواً ولم يقصدوا إليه عمداً ، ومن هذه الوقفات :

١- أنهم لم يذكروا الحوثي وجماعته ممن تقبض إيران بأزمتهم وتشغلهم في العدوان على بلادهم ، وعلى المملكة العربية السعودية ، ونحن نعلم أن ممن وقع على البيان الشيخ محمد الحسن ولد الددو وهو من كانت له فتوى يُقَسِّم فيها الحرب في اليمن إلى قسمين ، أحدهما حرب يمنية داخلية والأخرى حرب خارجية ، وهو يؤيد أهل السنة في حربهم الداخلية ، لكنه لا يؤيدهم في الوقوف مع الحرب الخارجية التي تقودها بعض دول الخليج – هكذا عبر – ضد الحوثي ؛ وهي فتوى مليئة بما يشهد لجهل الشيخ الددو بالواقع ،من تناقضات وبناء على أخبار هزيلة لا تصح ، فإن كان عدم ذكركم الحوثي إلى جانب حزب الشيطان سهوا منكم فلا بأس ، والسهو يُصْلَح ، أما إن كنتم تركتم ذكر الحوثي لأمر آخر ، فأنا أنبهكم الآن قبل أن تنبهكم الفتنة ؛ فموقف الحوثي من المملكة هو موقف إيران منها ، وهو موقف إيران من أهل السُّنة جمعاء لا اختلاف فيه ، إلَّا أنه أعظم بسبب سلفية المملكة ، ويعلم الإيرانيون أنهم منكشفون عند السلفيين أكثر من انكشافهم عند أيٍ من أهل السنة ؛ وسبب آخر هو وجود الحرمين في المملكة ، وفي المصادر الشيعية أن مهديهم المكذوب يُخْرِج أبا بكر وعمر من قبريهما لينتقم منهما ؛ وقد شهد العالم ولازال يشهد ما تفرضه الشرعية بدعم سعودي لا يشاركها فيه دولة أخرى على الحوثي من حصار ، والأمم المتحدة والولايات المتحدة هما من يقف وراء الحوثي علناً ، ألا ترون كيف أبت حكومة بايدن الإقرار بكون الحوثي جماعة إرهابية ، ورفعته عن ذلك ، وكيف أوقفت الأمم المتحدة قوات العمالقة من التقدم نحو الحديدة فيما كانت على الكيلو رقم عشرة متأهبة لدخولها . 

والحديث عن الحوثي يطول ؛كفى الله المؤمنين شره وأراهم فيه عاقبة الهون إنه سميع مجيب. 

٢- وأما الملاحظة الثانية ، فهي إنكم بهذا البيان قد أدنتم إيران ، ولم تبينو لحماس ما هو موقفكم من تحالفهم معهم ؟ والحق الذي لا أرى غيره هو إدانة هذا الفعل من حماس نصيحةً لله ، موجهة إلى إخوانكم في فلسطين ، فما قدمته إيران لحماس كما ذكرتم في بيانكم لا يعدو الفتات ، أما مالم تذكروه فهو أن تسليح المقاومة قادم من عند اليهود أنفسهم ، فهم المسيطرون على البحر وعلى الشمال وعلى الشرق ، أما في الجنوب ، فمصر ، ولا نعلم بينها وبين إيران علاقة ، أما إن كانت تهرب السلاح إلى الفلسطينيين ، فلعل وعسى ، لكنني أستبعده . 

ولعل قائلاً منكم يقول : إن حماساً لم تجد دعماً إلا من إيران ،ولو وجدت دعماً من العرب لم تلجأ إليها ، وهذا كلام فارغ ،لأن حماساً نزعت نفسها من أحضان العرب كي ترتمي في حضن إيران ، هذا الارتماء الذي أفقدها العرب ، فلم يكن العرب وأخص السعودية،ليقفوا معها وهي مع عدوهم ، تظافرت معه وانقلبت حتى على صلحها مع فتح الذي أقسمت عليه عند الكعبة ،فإدانة    هذه العلاقة الآثمة هامة جداً كإدانة أفعال إيران وتاريخها . 

ثم قولكم في البيان عن غزة [ بعد أن خذلها القريب والبعيد ] ماذا تعنون بخذلان غزة وماذا يمكن للقريب والبعيد أن يعمل لها ؟

الواقع أنكم تعلمون أن هذا القريب والبعيد لا يستطيع أن يعمل شيئا ، وأنتم ترون الطائرات والغواصات الأمريكية والأوروبية كلها قد قدمت إلى سواحل فلسطين ، فهل تريدون من الدول العربية التي تستورد أسلحتها من الغرب أن تقوم بحرب مع الغرب هي مهزومة فيها كما يرى المشاهد والله أعلم ، وأعني بالدول العربية مصر والسعودية ، إذ لم يعد هناك دول للأسف غيرهما وغير الأردن ، وذلك  بسبب ما أسميتموه بالربيع العربي ، وصار خريفاً سحقت به الشعوب قبل الأنظمة ، فهل تريدون أن تخسر هاتان الدولتان شعوبهما ، ويتوقف ما يستبشر به أهلها من تنمية ؟ 

فعندي أنكم بدلاً من إطلاق مثل هذه العبارات التي يُفهَم منها تحريض الشعوب على الحكام تأمرون أهل غزة بالمعروف ، الذي هو هنا الدعوة إلى الله تعالى حتى يقف الشعب على سُوقه ، ويُعِزُّه الله تعالى بقوته هو ،وقوة الدول المحيطة به ، ويرفع من شأنه بخذلان عدوه ، وظهور معالم انهياره . 

أما  في هذه الأثناء فلن تجد حربا ناجحة ، حيث الفلسطينون بعيدون عن الدين إلا من رحم الله ، والدول العربية مثلهم إلا من رحم الله ، هذا مع تقدم عدوهم في مجال التسليح بحيث لم تعد الحرب في أكثرها حرب رجال ؛ بل حرب آلات تُحرق وتهدم وتزيل وتقتل ، فهل أنتم فاعلون وناصحون.

وختاما أقول لكم : هذا البيان رغم هذه المقصرات ، بيان ممتاز ، وكان المسلمون في انتظاره ، لاسيما وهو موافق لاتجاه علماء المملكة العربية السعودية ، الذين أثبتت الأيام منذ عام ١٣٩٩هـ أن رؤيتهم في العدو الإيراني صائبة صائبة ، ولا تزيدها الأيام إلا قوة وصلابة ، إذ هي الرؤية السلفية الحقة ، التي تنظر للمخالف الشرعي نظرة لا تُذِيبها مجاملة ، ولا تصرفها عن أصلها مصالح .

ولم ينازعكم في هذا البيان وما وصلتم إليه فيه إلا صاحب مصلحة دنيوية رخيصة ، أو صاحب هوى وضيع .

التعليقات

ردان على “وقفات مع بيان المنظمات العلمية وأفراد العلماء حول العدو الإيراني”

  1. يقول أحمد بن مهنا الصحفي:

    اللهم أعز الدين وأهله … اللهم أعز الإسلام والمسلمين واحم حوزة الدبن ودمر أعداء الدين
    واجمع كلمة المسلمين على الحق .. اللهم أهلك عدوهم

    جزاكم الله خيرا دكتور محمد

  2. يقول عبدالله الزايدي:

    ما شاء الله تبارك الله
    بيان قوي من فضيلة الدكتور محمد السعيدي للحقائق التي غفل عنها الموقعون للبيان وفقهم الله وهدانا وإياهم للصواب
    فلا معنى للتفريق بين الحوثي وعصاباته في اليمن والعراق ولبنان
    ووضع العرب كما ذكره الشيخ لايخفى على كل ذي لب .والله المستعان .
    ولم تأل السعوديةجهدا في محاولاتها في الشان الفلسطيني والدفاع عن قضية فلسطين يرى ذلك المنصف العاقل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.