حرب حزب الشيطان مع الشيطان

تكبير الخط تصغير الخط

حرب حزب الشيطان مع الشيطان

فرح جميع الإخوة السوريون وكثير من العرب السنة بما أصاب حزب الشيطان من نكبات تمثلت أولاً بما سُمِّيَ بحرب البياجر ثم بالقصف الذي اختص دورهم ومؤسساتهم وأسلحتهم ،ثم بهلاك زعيمهم الأكبر ابن نصر اللات وهلاك من بعده من القادة ، وتردد آخرون بين فَرِحٍ بمصابهم خائفٍ مما بعده ،وبين منزعج منه لاعتبارات صنعها بنفسه .

وهي مسألة عظيمة، وفي تقديري أن على طلبة العلم الكبار وعلى العلماء في بلادنا خاصة حيث منشأ المعتقد السلفي الخالص ، الاجتماع والدرس لها ،وإصدار بيان فيها وفيما شابهها مما هو قادم لا محالة ، فهي مسألة من مسائل البراء شديدة الأهمية شديدة الأثر على عقيدة المسلم ، لاسيما وقد بدأ أناس من طلاب العلم بالتكلم فيها كلام من لم يفقه حقيقة ما حصل ولا حقيقة رؤية هؤلاء الصفويين للمسلمين.

أما أنا ففرحت كثيراً بما أصابهم ويصيبهم ،فهذا _والله أعلم_ شئ من انتقام الله منهم على أيدي أوليائهم من الصهاينة ، بما اقترفوه من مجازر في حق السوريين هي أعظم وأكبر وأفجر مما فعله الصهاينة بهم ، ففي ضاحية القُصَير وحدها ، وهي إحدى ضواحي حمص قَتَل حزب الشيطان آنذاك ما يقرب من الستين ألف قتيل ،هذا غير من هاجر وعانا الأمرين في هجرته خوفاً من بطش هؤلاء ، وغير من جُرِح ، وكان الجرحى إذ ذاك كثير ؛ ولم يصل عدد القتلى من هذا الحزب الإبليسي حتى هذه الساعة ، ولا عدد جرحاه ، عُشُراً ولا أقل من العُشُر من قتلى السوريين في القُصَير وحدها ،فكيف بمن قتلوه ومن جرحوه ومن هجروه في دير الزور وحلب ودرعاء وشرقي دمشق وغيرها ، هم وحلفاؤهم من الإيرانيين ، وكل ذلك كان على مرأى ومسمع من حلفائهم الصهاينة ، فكيف لا أفرح بشىءٍ يَسِيرٍ من شفاء نفسي ونفس كل سوري أثكل أو جُرِح أو هُجِّر وكل مسلم سمع تلك المصائب فحزن ، وزاد حزنَهُ أنه ليس بيده ما يصنعه غير دعائه ربه .

وزد على هذه الطوام أنهم ومن وراءهم كانوا وراء تنظيم داعش الذي تكون من ظُلَّال أهل السنة ومن الذين انقشعت قلوبهم لما يصيب المسلمين من بلاء فَصَدَّقوا الدعاوى وانفتلوا إلى هناك يقتلون ويسلبون ويغتصبون من أهل السنة حتى أفشلوا ثورتهم وفضوا جماعتهم ، وكانوا في حقيقة الأمر بيد الصفويين ولا يعلمون ، ولك أن تتدبر قتالهم وكم فيه من مرة قاتلوا حزب الشيطان ، لتجد الجواب أنهم لم يلتقوا بهم ولا مرة واحدة ، وقد برر الدواعش ذلك حينها بقاعدةٍ يزعمون أن العلماء قد قالوها وهي أن قتال المسلم المرتد أولى من قتال الكافر الأصلي ، وعلى هذه القاعدة ظلوا يسفكون دماء أهل السنة من جهة والصفويون أتباع حزب الشيطان من جهة ،فلماذا لا أفرح لمصابهم على يد وليهم ومولاهم وهو الشيطان الأكبر ، كما هم يُسَمُّون الصهاينة؟

   ثم أليس الله تعالى قد قال في كتابه العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ﴿الم ۝ غُلِبَتِ الرّومُ ۝في أَدنَى الأَرضِ وَهُم مِن بَعدِ غَلَبِهِمسَيَغلِبونَ ۝ في بِضعِ سِنينَ لِلَّهِ الأَمرُمِن قَبلُ وَمِن بَعدُ وَيَومَئِذٍ يَفرَحُالمُؤمِنونَ ۝ بِنَصرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَن يَشاءُوَهُوَ العَزيزُ الرَّحيمُ ۝ وَعدَ اللَّهِ لايُخلِفُ اللَّهُ وَعدَهُ وَلكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لايَعلَمونَ﴾ [الروم: ١٦]

وكان الروم والفرس قد احتربوا فسَرَّ المشركين انتصارُ أهل الوثن ، واستاء المسلمون من هزيمة الروم كونهم أقرب أليهم من المجوس ، وعلم الله مافي نفوسهم فأخبرهم بأن الروم سوف ينتصرون في يوم يفرح به المؤمنون .

ودع عنك هنا قرب الصفويين منا في الدين أو بعده ، مع أنني أرى اليهود أقرب منهم إلينا ، لكن لنترك ذلك جانبا ونقول : إليس الصفويون أشد نكاية بالمسلمين من اليهود؟

ألم يقتلوا ـ أي الصفويين ـ من المسلمين في ظرف عشرين عاما ، منذ ٢٠٠٣ حتى اليوم في العراق وفي سوريا وفي لبنان أضعاف من قَتَلَ اليهودُ طِيلة مدة مكثهم بيننا والتي قاربت الثمانين عاماً نسأل الله أن يعجل بآخرها ؟

ثم أليس الصفويون من حزب الشيطان وغيرهم أشد إيهاماً للمسلمين بما يملكونه من لغة عربية وفارسية وما يحملونه من تقاليد ، من اليهود الصهاينة ، فيغدرون بالمسلم غدراً عظيما ويبهتون بهتاناً فاجراً ولا يرقبون فيه إلا ولا ذمة ؟

أليسوا كذلك فإن قيل : لا ، ليسو كذلك .فقول النافي في مواجهة الحقائق القطعية لا ينظر أليه ويُكَذَّب صاحبه ويُزجر ويُتَّهم بالسقوط والهوى وضعف البصيرة ؛ وإن قيل :نعم هم كذلك ، فعلام إذاً يُلام من ملأ رئتيه هواءً بعدما كاد ينفلق صدرُه ضِيقاَ وحَرَجَاً .

فإن قِيلَ فابن تيمية قد قال : أن يُسْلِمَ الكافر على طريقة الشيعة خير من أن يبقى على ملةِ الكُفر ؛ وهذا القول دليل على إسلام حزب الشيطان ، وينبغي أن يبقى للمسلم وإن أجرم بعض الحب ؛ فجوابي :أن ابن تيمية أراد الشيعة ، ولم يُرِد الباطنية الذين يقولون قولاً ثم ينفونه تَقِيَةً ، فليس بيننا وبينهم ما نشترك فيه ، لا القرآن الذي نصونه ونقدسه ونؤمن بحفظ الله له ، ولا السنة التي نحفظها ونستدل بها ، ولا الصحابة الذين هم أفضل خلق الله عندنا بعد الرسل .

على أنني أومن إيمانا لا حدود له : أن الصهاينة لم يضربوا حزب الشيطان وهم يُرِيدُون القضاء عليه ، إذ لو أرادوا ذلك لفعلوه ، ولم يقتصروا على ثلاثة آلاف أو أربعة أو خمسة يقتلون من أعضائه ، وهم قادرون على ذلك ؛ولفعلوا معه على أقل تقدير ما فعلوه مع الفدائيين الفلسطينيين سنة ١٤٠٢ حين قاتلهم الفلسطينيون قتالاً حقاً لا هزؤا ولا تمثيلا ، ولكن النصر كان لليهود فحاصروا الفلسطينيين وقتلوهم ، وفي النهاية هجروا الفدائيين ومنظمة التحرير إلى تونس ؛ فلو أراد الصهاينة الإجهاز على حزب الشيطان لأجهزوا ، لكن الحزب سوف يُشكل قيادات جديدة ويبدأ بداية أخرى ، ويدافع عن الصهاينة كما كان يفعل ؛ وأخشى أن يتبعه فئام من ضعفاء العقول منا .

ولكن لماذا يا حزب الشيطان تفعل ذلك ؟

والجواب أن حزب الشيطان هو والشيطان في شقاء دائم وإن راقت لهم الدنيا كما نتوهم ، ألم نستمع إلى قول الله تعالى في من هم من شاكلتهم ﴿أَلَم تَرَ إِلَى الَّذينَنافَقوا يَقولونَ لِإِخوانِهِمُ الَّذينَ كَفَروامِن أَهلِ الكِتابِ لَئِن أُخرِجتُم لَنَخرُجَنَّمَعَكُم وَلا نُطيعُ فيكُم أَحَدًا أَبَدًا وَإِنقوتِلتُم لَنَنصُرَنَّكُم وَاللَّهُ يَشهَدُ إِنَّهُملَكاذِبونَ ۝ لَئِن أُخرِجوا لا يَخرُجونَمَعَهُم وَلَئِن قوتِلوا لا يَنصُرونَهُم وَلَئِننَصَروهُم لَيُوَلُّنَّ الأَدبارَ ثُمَّ لا يُنصَرونَ﴾[الحشر: ١١١٢] فحزب الشيطان والصهاينة بينهما حلف كحلف المنافقين مع اليهود سرعان ما ينتقض ، ولكنه سرعان ما يعود ، وذلك لأنهم ليس لأحدهما بقاء إلا ببقاء الآخر ، فيختلفان ويتراجعان .

محمد السعيدي

التعليقات

رد واحد على “حرب حزب الشيطان مع الشيطان”

  1. يقول أحمد بن مهنا:

    اللهم انتصر لعبادك الصالحين ورد عنهم كيد المعتدين، وعليك بالصهاينة ومن شايعهم وعاونهم.. واجمع كلمة المسلمين على الحق وأرهم الصواب صوابا..
    نفع اﷲ بعلمك يادكتور محمد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.