قتل السنوار ولمن النصر الآن ؟

تكبير الخط تصغير الخط

 

قتل السنوار ولمن النصر الآن؟

أحب أن أقول : إنني مع جهاد اليهود في فلسطين ، وأعوذ بالله أن أكون ضده ، وأسأل الله الجنة والفردوس الأعلى وأن يُكتب شهيداً من مات في ساحات الوغى مع اليهود الغاصبين ، وكنت أعذر حماس قديماً في أخطائها حتى باتت مكررة وحتى بدأت تصرح بالثناء على الإيرانيين الذين أعلم علم اليقين أنهم أبعد الناس رغبة في حياة أهل السنة وأحبهم لهلاكهم ، فلم أتوقف للحظة في إنكار ما صارت إليه من الولاء لإيران حتى قُتِل قبل أيام يحي السنوار الذي نعته آسفة باكية متوعدة حركةُ حماس ،وفَرِحَ لمقتله اليهود الصهاينة ومن طاوعهم ؛وأنا ولا أمثل إلا نفسي ولله الحمد ، أترحم عليه إن علم الله أنه مسلم ، وفعل ما فعل جهلاً أو سوء رأي أوخطأ في التقدير ، أما إن علم الله منه غير ذلك بأن كان صفوياً في فكره ومعتقده ، فإن الله تعالى يقول (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) ، ولن آسف على موته ، وقد مات بسبب تصرفه الطفولي مائة ألف نفس وهدمت آلاف الدور والبني التحتية والفوقية التي كانت تخدم مجتمعاً يعيش على أرض غزة ، ولن أعُده قائداً خسر معركة ، لأن الخسارة كانت واضحة منذ البداية لو كان التفكير بالربح والخسارة يشغل باله كثيراً ، وأقرب وصف له هو قائد صنع الخسائر ، ولا يخفى على الجميع أن مثل هذه المعركة كانت تبدأ بها حركة حماس منذ عام١٤٢٨ للهجرة أي ٢٠٠٨ميلادية وكانت تنتهي بهدم البيوت والمنازل وتشتغل بعدها المفاوضات المصرية حتى يكف الصهاينة عن القصف ، وتكرر هذا عدة مرات لم تكن حماس وما تفعله غير خادمة للصهاينة سواء أَقَصَدَتْ خدمتهم أم لم تقصد إلا أن النتيجة كانت في صالح الصهاينة ، ولعل أبرز نتيجة كانت واضحة كعين الشمس حين ثار المسلمون في القدس بعد عزم السلطات الصهيونية إجلاء عائلات عربية من منازلها في حي الشيخ جراح ، ولما اشتدّت التظاهرات وتأمل الجميع أن تشمل جميع مدن الضفة وتكون لها نتائج إيجابية في إضعاف سطوة الاحتلال ، وجدنا حماس تتبرع بقصف الكيان الصهيوني بقذائف لم يسقط عليه منها إلا القليل ، وبالتالي رد اليهود الصهاينة بقصف قطاع غزة بقذائف سقط جميعها عليه وأسقطت المباني وقتلت الأبرياء ، واستمر القصف وانشغل الناس به عن ما كان يجري في الشيخ جراح ؛ وهذه النتيجة لا يمكن لمن يشاهد الأحداث أن ينساها ، وأعلم يقينا أن السنوار لم ينسها ، لكنه كان أعمى البصيرة حين كررها وهاهي النتيجة كما نرى لا كما نتمنى .

فَتَقَدَّمُ الصهاينة على كل الجبهات لا تخطئه العين ، وإن كانت كثير من العيون إما حماسة للفلسطينيين وإما حماسة لمن وراء حماس تخطئ هذا التقدم بل وتخطئ أكبر منه ، وتسعى إلى التغرير بالفلسطينيين وإيهامهم بالنصر حتى يقضى عليهم .

نعم لقد قُتِل من اليهود ما يربو على الألفي مقاتل وجُرِح مثلهم لكنهم قضوا على مائة ألف ، ووسائل الإعلام تقول أربعين ألفاً وجرحوا أكثر مما قتلوا ، وهدموا مساكن مليونين ومدارسهم ، وألجأوا هذا العدد إلى الخيام يتضورون جوعاً ويلتمسون الإذن من اليهود لطائرات الإغاثة لتأتي من مصر ومن السعودية ، وأسروا في هذه المقتلة أضعاف من تأسرهم حماس ، وليس هناك شئ فعلته حماس إلا فعل الصهاينة أضعافه المضاعفه .

ثم أين النصر ؟

لا نصر ، فكل ما حصل على اليهود من قتل وجرح يُعَد ضئيلاً بالنسبة لما نالوه ، نعم حدثت في جيشهم تراجعات ورفض واستقالات لكنها أشياء تعد طبيعية في جيش يشكل النساء والشباب الذي يَعِدُ نفسه بالحياة الجميلة جزءاً كبيراً منه ، ومع هذا فهم يعتمدون على الطيارين بشكل أكبر ،الذين يقصفون الأرض قبل أن تبدأ حربهم البرية ، فيدخل  جنود البر وهم على ثقة بانتهاء المعركة ، وقد يكون احترازهم قاصراً ويقعون في كمين لكنها مرات قليلة ، وقد تتحطم دباباتهم العتيدة ويقي الله الناس شرها لكنها أيضا مرات قليلة ، المهم أنهم في النهاية منتصرون وإن خسروا خسائر يخسرها أهل الحرب ، ولا زال اليهود يتعاملون مع الفلسطينين من أهل غزة جميعاً وليس حماس وحدها معاملة الأقلية المتمردة وليس معاملة القوة المكافئة أو حتى القوة المقابلة وإن لم تكن مكافئة .

لذلك لا ينقضي أسفنا على أهل غزة حتى الساعة التي أكتب فيها هذا المقال فمعاناتهم تزداد يوما بعد يوم وخطر الهلاك التام لا يزال فوق رؤوسهم ، وهو خطر لا أشك لحظة أنه أُمْنِيَةُ اليهود ، ولا يمنعهم أن يُدْرِكُوه بأنفسهم من الفلسطينيين في غزة إلا موانع دولية وإلا فهم قادرون عليه ، وهذا من دفع الله الناس بعضهم ببعض ﴿وَلَولا دَفعُ اللَّهِالنّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَفَسَدَتِ الأَرضُوَلكِنَّ اللَّهَ ذو فَضلٍ عَلَى العالَمينَ﴾[البقرة: ٢٥١]

ونجد اليهود يجوبون لبنان وسوريا ويتهددون العراق وإيران ، ولا رادع لهم ، إلا كلام فارغ من إيران وأنصارها لا طائل منه لأن جميع العقلاء قد أدركوا اليوم أكثر من ذي قبل أن بين إيران والصهاينة تخادماً واضحاً ، وأن النقمة الحالية من الصهاينة إنما هي لتأديب إيران وعملائها عن أخطاء وتجاوزات لم يشأ اليهود السكوت عنها لأمر ما ، وإلا فأن بينهما من المصالح التي يسعيان لقضائها  من بعضهما الشيء الكثير الذي لم ينته بعد ، ولعل أهم هذه الأمور القضاءُ التام على أهل السنة ، فهو مشروع يشترك فيه الطرفان من زمن بعيد ،وإيران تعمل عليه بشكل قوي واليهود يرصدون عملهم ، والمراد بأهل السنة المسلمون الذين لا يمكنهم القبول باليهود تحت أي مفهوم ، سواء أكانوا سلفيين أم أشاعرة أم صوفية ، وإن كان الصوفية والأشاعرة متراجعين جداً في نقدهم للتشيع الإيراني ، ومتقدمون جداً في نقدهم للسلفيين .

وهل يسعى الصهاينة لإزالة حماس ؟

في ظني أنهم لا يسعون لذلك ، كما لا يسعون لفك ارتباط حماس بأيران ، إلا في حال واحدة وهي لو أزالوا الفلسطينيين من قطاع غزة ، وبما أن الحال حتى الآن غير ذلك فسوف تبقى حماس في غزة ويبقى حزب الشيطان في لبنان ، كلً يلعب دوره القديم .

التعليقات

3 ردود على “قتل السنوار ولمن النصر الآن ؟”

  1. يقول عبده بن محمد القوزي:

    شيخنا الكريم وأستاذنا القدير الدكتور محمد السعيدي عودتنا دوماً أن تقع بصيرتكم على ما لا نتبصره في قراءة الأحداث بتسليط ثاقب رؤيتكم عليه تمنيت لو قرأ مقالتكم هذه عالمنا المتابع لهذه الأحداث التي قسمت الأمة بين مبهور بحماس ومن وراء حماس ايران وحزب الله ومن لف لفهم من اعداء هذه البلاد والدعوة السلفية التي كانت مصدر الرأي الإسلامي المناوئ لأفعال حماس وحزب الله ومن ورائهم ايران وكم اتمنى لو بقيتم في منصة x لنشر آرائكم السديدة فهي منصة واسعة الإمتداد في عالم الوسائط باللغة العربية وكم اتمنى ان يطلع عليها مشاهير هذه المنصة للمساهمة في نشرها والإقتباس منها اسأل أن يحفظكم ويمد في عمركم للدفاع عن هذه المملكة والدعوة السلفية. دمت بخير

  2. يقول ahmed:

    السلام عليكم
    انا احمد من غزة
    اولا اقول للشيخ بارك الله فيك على كلامك الطيب
    لكن عندي نقطة واحدة مهمة يجب على الشيخ معرفتها حتى يغير رأيه في اهل غزة وفي حماس بالاخص
    وهي:
    يجب عليك يا شيخنا المحترم الشجاعة الكاملة وانت تقول رحمة الله عليك يا ابو ابراهيم السنوار مت مقبلا غير مدبر فقد كان شجاعا بما فيه الكفاية شجاعة غير موجودة فيك حتى لاعطاء رأيك الحقيقي
    كما يجب ان تعرف ان حماس لم تتعامل مع ايران الا لان ايران الوحيدة التي امدتها بالسلاح والمال وتأكد ان حماس لم ولن تغير معتقداتها ولا يمكن باي شكل من الاشكال ان تقبل بموضوع التشييع في غزة ولعلمك كانت حماس تحارب موضوع التشييع واي موضوع شبيه فيه
    ولمعلوماتك الاخرى ان حماس لو وجدت من قيادتكم دعما او من اي قيادة عربية اي دعم بالسلاح لتركت التعامل مع ايران
    ولمعلوماتك ايضا ان جميع الشعب الفلسطيني لا يحب ايران ولا يمكن له ان يتعامل معهم الا عن طريق حماس لانهم الوحيدين الذين يعرفو يتعاملو معهم
    للأسف امثالك يا شيخ دمرو الدين بجبنهم
    يفترض ان تقول كلمة حق بدلا من رأيك الذي كتبته
    يفترض ان تشجع شعبك وحكومتك على الوقوف مع الحق
    شكرا لك وتقبل رأيي
    احمد من غزة

  3. يقول متابع:

    السلام عليكم
    الأخ أحمد من غزة :
    أولا : أعتقد أن رأي الشيخ في أهل غزة أنهم شجعان شجاعة منقطعة النظير وهذا المقال ليس عن شجاعة أهل غزة .
    والمنتسبون لحماس كذلك شجاعتهم منقطة النظير وهذا المقال ليس عن هؤلاء أيضا.

    ولكن هذا المقال عن قيادة حماس ولا شك أنها مع إيران قلبا وقالبا .

    ثانيا : اتهمت الكاتب بالجبن وأعتقد أنه شجاع لدرجة أنه يقدم رأيه هذا في هذه الظروف .
    ثالثا : قلت: لو أن السعودية دعمت حماس لما ذهبت إلى إيران ، وهذا غير الكلام الحق والتاريخي ، فحماس هي التي تركت السعودية عمداً ونهاراً جهاراً وذهبت إلى إيران وكانت قبل أن تتجه بكليتها إلى إيران في مكة تقسم عند الكعبة وكانت لها رياسة المجلس التشريعي في الوحدة الفلسطينية .

    رابعاً : إيران لم تدعم حماس يوما من الدهر لا بسلاح ولا تقنية وإنما كان الدعم يأتي حماس من اليهود وتظن حماس أنه يأتيها من إيران حسب اتفاق بين الكيانين الصهيوني والإيراني ، وإلا فقل لي بربك هل يأتيها من الشمال أم من الشرق حيث حدودها مع الصهاينة ، أم من البحر الذي يحاصره اليهود أم من جمهورية مصر ؟
    قد لا تستطيع قراءة ما كتبت فأنت في غزة ومشغول فأعانكم الله .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.