آخر الأخبار
صورة السعودية لدى الصهاينة وكيف يتعاملون معها
صورة السعودية لدى الصهاينة وكيف يتعاملون معها
الصورة التي رسمها الغرب والكيان الصهوني للمملكة العربية السعودية من جهةِ مكانتها لدى المسلمين صورة لا تتجاوز الحقيقة قيد أنملة وهي أنها تضم الكعبة المشرفة قبلة المسلمين في كل مكان، يُصَلُّوْنَ إليها خمس مرات في اليوم والليلة وتهفو إليها أفئدتهم لعلهم ينعمون بحجة أو عمرة في حياتهم ولو مرة واحدة ، كما تضم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومهاجَره وقبره الشريف وقبور أصحابه ، ولذلك فإن أي مساس بهذه الدولة هو مساس بالمسلمين وسوف يتحركون من أجله زُرافات ووحدانا .
هكذا هي الصورة في محاضن القرار العالمي والقرار الصهيوني ، وهي صورة صحيحة لا غبار عليها ، لكنها تتعارض مع الطموحات التي تحاول الدولة اليهودية كتمها ويفضحها بعض الحاخامات والرؤساء الدينيين والجمعيات اليمينية واليسارية التي لا تنتسب للدولة وإن كانت تقيم داخلها ، ولم تعتذر الدولة الصهيونية يوما ما عن أيٍ من المقولات التي تصدر في هذا كمقولة الحاخام إليعازر ميلاميد :إن حدود إسرائيل من نهر الفرات إلى النيل ،وإذا وضعنا هذه الفكرة مع الخريطة المرسومة نجد أنها تضم الجزء الشمالي من المملكة حتى المدينة المنورة ، إذاً فطموح الصهاينة يتجاوز العراق وسوريا ولبنان ، الدول التي استطاعوا تحطيمها، إلى مصر التي لم تنجح فيها ثورةُ ما يسمى بالربيع ولازال السعي إلى إسقاطها قائماً عبر أبنائها المعارضين بنكهات إسلامية وأخرى ليبرالية وثالثة نصرانية ، وكذلك عبر تشجيع الفوضى في السودان التي يسعون إلى أن تمتد إلى مصر ، وعبر إغراقها في العوز المادي ، وكذلك عبر سد النهضة الذي يُعَدُّ مشكلةً كبرى لا يمكن أن تُحَلَّ إلا عسكرياً إن دام تعنتُ الدولة الأثيوبية .
كل هذه المشكلات في مصر من أجل إحداث الفوضى فيها ، ولدي مما يؤيد أن للصهاينة يداً كبرى في صناعتها الشواهد العديدة ، لكننا لن نقف الآن عندها وسوف ننتقل للسعودية التي فشل ما سمي زوراً بالربيع العربي من الدخول إليها وبقيت شماء في مواجهة جميع العواصف ، لكن تبقى رؤية الصهاينة على حالها لم تتغير ، فما زالت خارطة إسرائيل الكبرى التي ليست ادعاء عربياً كما يروج له الإعلام الصهيوني ؛بل حقيقة وجدت في ظروف متعددة آخرها على لباس بعض جنود الصهاينة في حرب غزة الأخيرة .
ويعاني اليهود اليوم من عدد من المشكلات تحول بينهم وبين تحقيق هذا الطموح كاملاً ، من ذلك قلة عددهم وضخامة المساحة التي يطمحون إليها ، فيما يفوق المصريون عدد اليهود بما يزيد عن عشرين ضعفاً ،والأردنيون يفوقونهم بضعفين ، والسعوديون يفوقونهم بستة أضعاف عددهم ،وقد نجح اليهود في تقليص عدد العراقيين والسوريين واللبنانيين ،ومع هذا فلا زال العدد أكبر بعشرات المرات من تعداد اليهود في العالم أجمع وليس في فلسطين وحدها ، وقد فشلوا أيضا في التحبب إلى الشعوب والدخول فيما بينهم ، رغم المحاولات الجادة والتي جاءت عبر نجاحهم في إجراء التطبيع مع بعض الدول العربية ، لكن قد تبين مما سلف: أن التطبيع السياسي لا يعني أن تُغَيِّرَ الشعوبُ طبائعها وتنقلب من بغض المغتصب إلى محبته .
ومع ذلك نجد إشعال المحيط المجاور مسألة ضرورية لليهود ، وهم دون أدنى شك ضالعون في ترتيب هذه الحرائق مرتبون لسبل الاستفادة منها .
وحين يفشلون أو يفشل تخطيطهم أو لا يصل تربصهم إلى ما أرادوه فهم يظلون يعملون في طرق أخر ،ويتأملون إلى أن تكون أصوب في الإيصال إلى الهدف الذي ينشدونه ،وهذا ما يعيدنا إلى الحديث عن المملكة العربية السعودية ، فهم يأملون هدمها عبر تشويهها في أعين المسلمين ، وهو طريق لم يكن سلوكه حديثاً ، بل هو قديم جداً ، لكننا نشهد اليوم زيادة في ارتياده والعمل من أجله ، وهذا المسلك قد جُرِّبَ قديما مع الدولة العثمانية ونجح نجاحاً أدى إلى نزع البريطانيين النصارى المدينةَ المنورةَ منها بقيادة حقيقية للورانس ، والذي حجب عن المسلمين إذ ذاك دورَه في انتزاعها وجودُ قيادات مسلمة في صفه ، كما نجح هذا المسلك في إسقاط الدولة العثمانية عبر كُتَّابٍ مسلمين أيضا ومنهم عبد الرحمن الكواكبي صاحب كتابي طبائع الاستبداد وأم القرى ، وكان أيضاً إسلامياً ، وكذلك محمد عبده وتلاميذه جميعاً ، وكلهم كانوا إسلاميين، ويعادون الدولة العثمانية بصفتها مستبدة ، لكن كتاباتهم كانت تؤخذ بعين الرضا من الغرب ويعملون على أن تنتهي هذه الكتابات إلى ما انتهت إليه من سيطرة حزب الاتحاد والترقي على مقاليد الدولة ، ثم انقلاب مصطفى كمال الذي أدى إلى زوالها .
وهم الآن يعيدون هذه التجربة مرة أخرى وبنفس الأيدي الإسلامية في حق الدولة السعودية وفي حق مصر أيضا لكن شأننا في هذا المقال هو السعودية ، فنجد على سبيل المثال كمال الخطيب الذي يطل على الناس كزعيم وقيادي فلسطيني إسلامي ، ونحن نعلم مكانة الرجل عند أهل فلسطين الذين يعلمون عنه كثيراً من المساوئ التي تقعد به عن مرتبة القيادة الحقيقية ، لكن غير أهل فلسطين لا يصدقون كل ما يقال فيمن يفترضونه مجاهداً فلسطينياً فيكون مسموع الكلمة عند غير أهل فلسطين ، أما الفلسطينيون فعندهم الدكتور بسام جرار عالم الفقه والتفسير الذي لا ينفك عن تشويه الدولة السعودية بلسانه الإسلامي بزعمه ويجد تصديقاً غريباً من الفلسطينيين أنفسهم ، هذان مثالان فقط وإلا فالقائمة طويلة ، ولو قلتُ لك إنه لا يوجد دولة إسلامية إلا ويوجد فيها رجال هذه مهمتهم ، بل أقول ونساء أيضاً ، وحتى باللغة الإنجليزية وفي صحيفة مثل الجارديان البريطانية نجد أمثال ديفيد هيرست يتحدث عن السعودية بشكل مستمر وناقد ، ويظهر كخبير غربي بما يجري داخل السعودية ، وللخبير الغربي سحره الخاص أمام الشرقيين ، وهو ينتقد وكأنه من الإسلاميين ،وليس نقده نقداً يوحي بضرورة الاستفادة منه ،بل هو عبارة عن تزييف للحقائق أو حكاية أمور غير صحيحة ، كل ذلك مع قليل من النقد الذي يمكن أن يستفاد منه ، ومع الأسف يُصَدَّق كُلُّ شيء مما يقول حتى إن نَقْدَه للأخطاء الموجودة فعلاً يفهم بصورته التحريضية .
ولعل أقل المحرضين والمشوهِين قيمةً أبناؤنا المنجرفون مع هذا التيار والذين غادروا بلادهم لهذا الغرض ،ولم يحققوا داخلها أية مكاسب ، وهم من الضياع بحيث لا تجد لهم هدفاً واضحاً ، إلَّا مزيداً من تَجْرِيء العالم الإسلامي على وطنهم ،وهذا أمر ناري الثمرة لو تحققت ثمرته لا قدر الله وهو ما يبتغيه اليهود الصهاينة ، إذ سيصبح جزء من إسرائيل الكبرى في متناولهم كما أنه اليوم تُعَدُّ سوريا ولبنان والعراق في متناولهم متى شاءوا ، إذ لا يمنعهم عنهن إلا ما قَدَّمْتُ قبل قليل من قلة العدد وعِظَمِ المساحة .
ومن أعظم الأمور التي تعمد الصهيونية العالمية إلى التركيز عليها في التحريض: المذهب الذي تتبناه الدولة رسمياً وهو المنهج السلفي ، ففي حين يزعم أدعياء الإسلامية المعارضون من السعوديين تخلي الدولة عن هذا المنهج بناء على مخالفاتٍ له بعضها موجود بالفعل وبعضها مزعوم نرى غير السعوديين من العاملين على تشويه الدولة أن من عيوبها هذا المنهج الذي يرمونه بالتكفير والتعصب والخروج عن مظلة أهل السنة ، وهي طريقة قد يرى البعض أن الدولة لن تبالي بها كونها لا تمسها ، والحقيقة أنها منهج لنقد شرعية الدولة بطريقة غير مباشرة ، وبعض العاملين عليها صرحوا بذلك بطريقة عملية فيما يزعمون .
في الختام : إن العالم الإسلامي بعد أن بقي متشوفاً للسعودية عقوداً من الزمن ، يسعى فريق من المرضى لإقصاء السعودية عنه ، أو لإقصائه عن السعودية ، ولا يعلمون أنهم بفعلهم هذا كالماعز التي تحفر عن السكين بضلفها .
جزاكم ﷲ خيرا .. ونفع بكم
ومن الجيد أن يدفع العدو بسلاح من جنس سلاحه وأكثر فتكا …
فياليت أن ينبري أمثالكم من أهل العلم والقلم لذلك..