خالد الغليقة

عدوا العرب يتقاتلان ، فما مشكلة العرب؟

تكبير الخط تصغير الخط

عدوّا العرب يتقاتلان فما مشكلة العرب؟

من عجائب هذا الزمن منطق بعض السياسيين العرب، الذين كادوا أن يموتوا غيظًا، ويتألمون حسرةً وكمدًا، ويرتفع ضغط الدم في عروقهم عند كل خبر يصلهم مما يفعله العدوّ الإيرانيّ الصفويّ وأذرعته من حزب الله في لبنان، إلى الحوثيّ في اليمن، المتمثل بمشروعه الجهنميّ التخريبيّ الاحتلاليّ، بكل ما تعنيه هذه المصطلحات من معنى؛ فقد فتح هذا العدو الصفويّ على العرب أبوابًا جهنميةً مشرَعةً، وأبوابًا من الجحيم، وكان من نتائجه احتلال واغتيال وتهجير وتجويع وتشريد، وسيطرة على البلاد العربية السنية، وانتهاز لأيّ ضعف في ولاء بعض المواطنين لاستغلالهم لتمزيق الوطن الواحد، وتفريق الأمة الواحدة، والانقلاب على الحكومة الوطنية الواحدة. و لما قام عدوّ العرب الإسرائيليّ من تقويض لهذا المشروع الجهنميّ التخريبيّ الاحتلاليّ، واغتيال قادته، وتفريق شمله، وتبديد قوته وتفكيك تلك العلاقة الوطيدة القاتلة بين رأس الأفعى في طهران، وذنبها في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
وكذلك لما قام به العدوّ الإسرائيلي بما كان واجبًا سياسيًّا حتميًّا يجب أن تقوم به دول المنطقة المتضررة أكبر وأعظم وأشدّ من تضرر إسرائيل من هذا المشروع الجهنميّ التخريبيّ الاحتلاليّ.

رأينا في بعض القنوات والصحف العربية بعض الساسة التابعين للحكومات العربية المتضرّرة من مشروع العدو الإيرانيّ الصفويّ، وسمعنا سياسيين عربًا مستقلين يصرّحون ويكتبون بأنّ العدو الإسرائيلي تجاوز القانون الدولي في مواجهته القاسية وضربته القاصمة لهذا المشروع الجهنميّ التخريبيّ الاحتلاليّ، وأنه يجب على إسرائيل ضبط النفس، وأن على الدول الكبرى في العالم كبح جماح العدوّ الإسرائيليّ وإيقاف إرهابه؛ وكأن العدو الإيرانيّ الصفويّ بأذرعه لم يتجاوز القانون الدوليّ باحتلاله العراقَ وسوريا واليمنَ ولبنانَ، وإذا كان العدوّ الإسرائيليّ هو أمّ الإرهاب، فالعدوّ الإيرانيّ الصفويّ هو أبوه وجده وقبيلته. وكأن هذا العدوّ الصفويّ لم يشرّد أهل تلك الدول، ولم ينتهك أعراضهم، ولم يقتل شيوخهم وأطفالهم ونساءهم وعلماءهم ومحاميهم وشيوخ قبائلهم ورجالها وقادتها المخلصين، وكأن هذا العدوّ الإيرانيّ الصفويّ دولة سلام في المنطقة؛ فلم يجرح مشاعرَ أحد، فضلًا عن أن يقتل أحدًا، ويهجّر ويشرّد أحدًا، وكأنه أيضًا لم يحتلّ ويسقط حكومات عربية، وكأن دول المنطقة تدعوه للتدخّل في شؤونها لحلّ مشكلاتها السياسية والاقتصادية والأمنية والتنموية، وهو يرفض التدخّل في شؤونها، ويدعو إلى احترام المواثيق الدولية والعهود البينية، وإلى احترام حقوق الجار العربي، والأخلاق الإسلامية، ويحترم إرادة الشعوب العربية تجاه حكامهم، وكأن هذا العدوّ الإيرانيّ الصفويّ من أكبر المحاربين للإرهاب الدوليّ، وأشدّ الداعين إلى تجفيف منابعه، كالتعصّب الدينيّ، والعنصرية العرقية.
هذا العدوّ الصفويّ الإيرانيّ الذي لا يمرّ يومٌ إلا وقد قتل وشرّد وجوّع العراقيين والسوريين واللبنانيين واليمنيين، وهتك أعراضهم؛ انقلب في ساعة قصيرة في نظر هؤلاء الساسة إلى صديق حميم ورفيق لمسيرة التنمية والتطوير، وتحوّلت إيران إلى دولةٍ مظلومةٍ وحكومة سلام في المنطقة، وداعيةٍ الى احترام القوانين والمواثيق الدولية، واحترام لحقوق الإنسان في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
لماذا هذا التغيُّر؟ لأن إسرائيل التي تحتلّ فلسطين هاجمتها، ولأن العدوّ الإسرائيليّ قام بمهمة تفكيك قوتها التي هي من صميم مهامّ الدول العربية الاستراتيجية؛
فلو قارن أي سياسي ببساطة
بين مساحة ما تحتله إسرائيل من أرضٍ، في مقابل ما تحتله إيران، لجاءت النتيجة أن إيران تحتلّ أضعافًا مضاعفةً من الأراضي العربية؛ فهي تحتل دولًا، وليس جزءًا كبيرًا من أرض فلسطين.
ولو قارن بين ما قتلته إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وبين ما قتلته إسرائيل في فلسطين، لوجد أن النتيجة أن إيران تزيد زيادةً عاليةً جدًّا جدًّا؛ فإيران قتلت ملايين…، وشرّدت ملايين…، وجوّعت ملايين…، وهتكت أعراض ملايين…، من العراقيين والسوريين واللبنانيين واليمنيين!

أرجو من الله أن تكون هذه التصريحات تجاه العدوّ الإسرائيليّ هي من باب مجاملة إيران، مع أنهم يجاملون من لم تجاملهم في مشروعها الجهنميّ، ويجاملون من لم تحسب لهم حسابًا، بل كانت تكيد لهم، وتخطط لتدميرهم؛
فهي لم تجاملهم لما احتلت العراق بمعاونة الأمريكان. ولم تجاملهم لما احتلت سوريا بمعاونة الروس. ولم تجاملهم في لبنان، ولا في اليمن.

ومع ذلك أقول لعلّ وعسى ألّا تخرج هذه التصريحات عن حدّ المجاملة السياسية؛ وإلا كانت مشكلة سياسية عربية عويصة!

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.