آخر الأخبار
أسامة الأزهري والحقد على السلفية
كان الشيخ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف المصري يناقش رسالة للدكتوراة ،وحين مناقشته اعترض على الطالب بعزوه إلى ابن عثيمين ، لأن المعزو إليه يكفر الأزهريين ويخالف منهج علماء الأزهر ، ووضع الدكتور للطالب أسماء فلاسفة مصريين وأوربيين ،وأشار عليه بالعزو أليهم وعدم العزو إلى هذا الرجل الذي لا يَنْقُلُ عنه أزهري ، فيما يزعم .
وهنا أبدأ القول : بأن هذه المقولة لو وردت من الشيخ أسامة قبل أن يتولى منصباً وزارياً لما ناقشته فيها ، لأنه كثيراً ما قال من أشباه هذه العبارة ، ولم نعبأ به ، أمَّا وقد تولى هذا المنصب فحقه أن نتكلم معه لأنه سوف يُحسب عند البعض على مصر كلها ، قيادتها وشعبها ، ولن يكون قولاً خاصاً بالدكتور أسامة .
فالدولة السعودية منذ نشأتها على يد الإمام محمد بن سعود ، ومنذ نشأة دعوتها على يد الشيخ محمد بن عبد الوهاب وحتى يوم الناس هذا ، لم يصدر من الدولة ولا الدعوة تكفير للأزهر ، مع أن الأزهر صدر منه تكفير للدولة السعودية وبَعْثُ عالمين من كبار علمائه مع حملة إبراهيم باشا لقتال الدولة السعودية ، فكان منهم استحلال الدماء والأموال والأعراض ، أي سبي النساء سبياً وبيعهن في الأسواق كما تباع نساء الكفار كما ذكر ذلك العلامة الجبرتي في تاريخه ، وكذلك تكفير الدولة ودعوتها على يد شيخ الأزهر أحمد الظواهري ،وتأليفه كتابا في ذلك شبه فيه السعوديين باليهود ،ونهج على نهجه في الوقت الراهن شيخ الطريقة العزمية ، وألف كتاباً يحمل الاسم نفسه .
نعم : كل السلفيين سواء أكانوا علماءهم أم طلبة العلم منهم أم عوامهم يكفرون الحلوليين ، والحلوليون هم من يزعم أن الباري عز وجل ينزل في بعض عبيده ، أو في صورهم ، فهؤلاء لا يعدهم السلفيون من المسلمين وإن ادعو الإسلام ، وكذلك يكفرون الاتحاديين ، والاتحاديون هم من يزعمون اتحاد الباري عز وجل بمخلوقاته فيرون أنفسهم والبهائم والأحجار والأشجار إلهاً واحداً ، نسأل الله السلامة ، فهؤلاء ليسو مسلمين وإن ادعو الإسلام ، كما أنهم والفئة التي سبقت ليسوا من أهل البدع فيلزم السلفيين القول بإسلامهم ، لأن أهل البدع أضافوا عبادة لم تأت في الكتاب والسنة ، أو أولوا صفة أو اسماً أو استحدثوا شرعاً لم يأت عليه فهم السلف ، أما هؤلاء فخرجوا من الإسلام بهذا الكفر العظيم الذي تفوهوا به ، وهم يسمون أنفسهم صوفية ، والصوفية على ما فيها من خلل بريئةٌ منهم ، فلا يوجد صوفي حقيقي إلا وهو يوقر الله تعالى ويهابه ويحبه ، أما أولائك فلا يوقرون الله تعالى لا يهابونه ولا يحبونه ، وكيف لهم ذلك وهم يجعلون أنفسهم جزءًا من الله تعالى بل ويجعلون من هو أحقر منهم من البهائم والجمادات جزءًا منه تعالى ربنا عما يقولون عُلُواً كبيرا.
كما أن السلفيين يُكَفِّرون أولئك الذين يدعون من دون الله أوثاناً أو قبوراً ، وليسوا يُخرجونهم من الملة حتى يقيموا عليهم الحُجة ، ويختلفون ـ أي السلفيين ـ في إقامة الحجة ، فبعضهم يقول :يكفي فيها البيان الذي تتضح به معانيها ، وبعضهم يقول : لا تقوم الحجة حتى يثبت جُحُود الرجل ، وقبل ذلك يبقى إنسانا قائلاً بقول مُكَفِّر ولم يخرج من الملة بعد .
وهذه الأصناف التي يكفرها السلفيون لا ينفردون بتكفيرهم ، بل جميع العلماء من المذاهب الأربعة مجمعون على هذا ، ولك أن تقرآ في كتاب الإعلام بقواطع الإسلام لابن حجر الهيتمي الشافعي ، ومعني قواطع الإسلام ، أي الأقوال والأفعال التي تقطع صاحبها من دين الإسلام ، فقد نقل مالا يقل عن مئتي مكفر ، وكذلك صاحب مختصر خليل من المالكية وألفاظ الكفر لبدر رشيد الحنفي ، فتخصيص السلفيين بالتكفير هو نوع جهل ، أو تجاهل ، ولتزداد علما ، فأكثر من يكتبون عن أحكام الكفر من علماء المذاهب لا يُقَدِّمون بذكر اشتراط استيفاء المكَفَّر لموجِبات التكفير وانتفاء الموانع ، بل يذكرون أن من فعل كذل أو قال كذا فقد كفر ، وذلك ـ والله أعلم اكتفاء بعلم من يقرؤون في زمانهم بذلك ، يوم كان لا يقرأ كتب العلم إلا قراؤه ، أما في عصرنا الحاضر وقد أصبحت كتب العلم نُهبَة بين الجميع ، فقد صاروا أعداء العلم الشرعي يضعون الشبهات كلما قرأوا شيئاً لم يفهموه .
وهذا النوع الحقير ممن يسمون أنفسهم صوفيةً دخل بعضهم في الأزهر ، وتخرجوا به ، ولكنهم لا يمثلونه ، بل ولا يجرؤون أن يصرحوا بهذه المذاهب الباطلة فيه ، وإنما يصرحون بها أمام تلاميذهم ، وأحياناً بعباراتٍ يسهل عليهم تأويلها لو سُوْئِلُوا عنها ، وبعضهم أطباء ومهندسون وليس لهم من العلم الشرعي شئ ، سوى ما يستطيعون به تكبير مقامهم عند رعاع الخلق ، فأين منهج الأزهر من هؤلاء الذين لا يمثلونه ولا يمثلهم .
ثم ما هو المنهج الذي يزعم الدكتور أسامة أنه للأزهر ، هل هو المنهج الأشعري ؟
لا أعتقد ، لأننا رأينا ممن تولى مشيخة الأزهر رجالاً غير متحمسين لمنهج الأشعري كأمثال الشيخ محمد مصطفى المراغي والشيخ محمد الخضر حسين والشيخ جاد الحق علي جاد الحق ،وهؤلاء وإن لم نقل إنهم سلفيون كما يُريد السلفيون ، فليسوا أشاعرة كما يريد الدكتور أسامة ، بل إن الشيخ محمد عبده وهو أزهري بلا شك ، كان أقرب من حيث أصول المعتقد إلى السلفيين منه إلى الأشاعرة ، وكان رحمه الله يثني على طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وعلى دعوته ، ويذُم طريقة الأزهر ، وفي نهاية الأمر جعلت إدارة الأزهر باسمه أكبر قاعةٍ من قاعاته ومضى على احترامه وتبجيله ، فهل هو غير سائر على منهج الأزهر ؟!
أم أن المنهج الأزهري الذي يزعم الدكتور أسامة هو منهج المتصوفة ؟ وأقول بالطبع لا ليس كذلك لأن الأزهر لم يُعرَف بكونه محلاً لحضرات الصوفية أو اجتماعاتهم ، وليس من شروط تولي إمامة الأزهر أن يكون صاحبها صوفياً ولا من شروط حصول الطالب على الشهادة العلمية حصوله على درجة صوفية أو حتى على شهادة انضمام إلى إحدى الطرق ، وقد سأل أحد الطلاب الشيخين الدكتور الحسيني أبو فرحة عميد كلية أصول الدين والدكتور محيي الدين الصافي عميد كلية الشريعة وذلك في جامعة الأزهر ، عن تدريس مادة التصوف الإسلامي مع أن الصوفية لم ترد في الكتاب والسنة ، فأجابا بما يحتوي على أن الصوفية الحقة لا تزيد على فرائض الإسلام ونوافله وآدابه .
إذن فمنهج الأزهر ليس أشعرياً وإن كثر الأشاعرة فيه ، وإن دُرِّست فيه عقيدة الأشاعرة كما أنه ليس صوفياً وإن تبنى كثير من أفراده عقائد صوفية .
وليس رمي الدكتور أسامة الشيخ ابن عثيمين بما رماه به إلا تغيراً أصاب الأزهر منذ سنوات قليلة بدأ يحارب السلفية فيه حرباً شعواء ، لا تتمثل فيما قاله الدكتور أسامة وحسب ، وإنما لها مظاهر عديدة كتبنا عنها سابقا .
ولعلي هنا أقف شكراً لعشرات المصريين الذين ردوا في هذا المقام ردوداً تثلج الصدر من أناس سلفيين وآخرين غير سلفيين مبتغاهم الحق وحسب فجزاهم الله خيراً
مقال علمي رصين يرد بالحجج والبراهين على هذا الكاذب المفتري على الشيخ بن عثيمين رحمه الله
جزاك الله خيرا د محمد وكتب اجرك