آخر الأخبار
الإسلام والوطنية
الإسلام والوطنية
مقدمة ؛
الحمد لله رب العالمين والصلاةوالسلام على أشرف الأنبياءوالمرسلين نبينا محمد صلى الله عليهوسلم وعلى آله وصحبه ومن نهجنهجه إلى يوم الدين وبعد:
فهذه مقالة عن معنى الوطنيةوأقسامها والحكم فيها كما بدا ليبعد التأمل الذي أسأل الله تعالى أنأكون قد وفقت فيه إلى الصواب، وقددعاني إلى الكتابة في هذا الموضوعأموراً أولها : أنني من خلالحواراتي الكثيرة مع أبنائنا الطلاب،وجدت أن لديهم شعوراً بالتعارضبين الاهتمام بالوطن وبين حمل الهمالإسلامي ، وأيضاً بين الانتماءللوطن ،والانتماء للأمة ، إذ رسخ فيمخيلة كثير منهم أن الانتماء للدينولأمة الإسلام لا يتوافق مع الانتماءللوطن والولاء له ؛ هذا التصوريستغله كل منظر للحركات الفكريةالمتطرفة لدفع الشباب والتغرير بهمللتفكير بعيدا عن مصالح أوطانهم .
ويمكن أن يقال إن تغلغل هذاالشعور كان في فترة مضت من أبرزالدواعي إلى تسرب الفكر الضالالذي يعد الوطن والعناية به من أبعدالأمور عن عناية منظريه؛ وكثيراً ماعَدَّ الحديث عن الوطن ومنجزاتهإحدى الكبائر الكبار التي تتناقضمع أصل الدين !
الأمر الثاني: وجدت مما يساعدمنظري الفكر التكفيري علىالانقضاض على الشعور الوطنيتاريخ الحركات الوطنية في العالمالعربي حيث توصف تلك الحركاتبأنها علمانية محاربة للإسلام،وضَدَّقَ ذلك أن بعض هذه الحركاتبعد نجاحها في تولي الحكم فيبلادها قامت بمحاربة التوجهاتالإسلامية ، وبعضها الأخر الذيفشل في الوصول إلى السلطةشاعت أنباء تؤكد علاقاتها المشبوهةمع أعداء الأمة من المستعمرينوالصهاينة والدول الماركسيةالتوسعية ، الأمر الذي تسبب فيالربط الذهني بين الوطنية والعداءللدين .
الأمر الثالث : ما يُعرَفُ إعلامياًبجماعات الإسلام السياسي ، فإنأنشطتها السياسية وإن كانت داخلأوطانها إلا أن أدبياتها المؤسٌِسة لهايغلب عليها عدم الاعتراف بالحدودالوطنية ، وقد استطاعت هذهالحركات نشر مفهومها بشكل أدىكثيراً إلى إلباس المفهوم الوطنيالصحيح لباس المفهوم الوطنيالخاطئ مما أسهم في النفور منه .
الأمر الرابع: وَجَدتُ عدداً من الكتبالنافعة تحدثت عن حكم الوطنية فيالإسلام ، لكنني شعرت بعدم وضوحمقصدها لكثير من الشباب الذينيطلبون الحق في المسألة .
لهذا فإن الحديث عن الجانبالوطني وربطه بالإسلام للوصولإلى قناعة ووعي بضرورة تقديممصلحة الوطن على أي اعتبار آخروأن هذا التقديم هو من صميم الدينولا يتعارض مع كون الإسلام هوالمبدأ الأعظم والغاية المثلى التينحيا ونموت من أجلها ،وأن تعارضمصلحة الدين ومصلحة الوطن منالأمور المتعذرة إذا قسنا المصلحةبالمقاييس الشرعية ، أقول: إن كلذلك من الأهمية بمكان لإبراز حكمالمسالة فقهياُ ، وأيضا لمحاربة الفكرالضال وضربه في نقاط ارتكازه.
معنى الوطنية:
الوطن في اللغة : تتوافق كتب اللغةفي تعريف الوطن ولا تكاد تخرجعباراتهم في ذلك عمََا لخَصهصاحب كتاب الكليات ج1/ص940 حين قال: “الوطن هو منزل الإقامةوالوطن الأصلي
مولد الإنسان أو البلدة التي تأهلفيها ووطن الإقامة هو البلدة أوالقرية التي ليس للمسافر فيها أهل،ونوى أن يقيم فيه خمسة عشر يوماًفصاعداً ، ووطن السكنى هو المكانالذي ينوي المسافر أن يقيم فيه أقلمن خمسة عشر يوماً“
ويلحظ أن هذه الكلمة رغم كونهاصحيحةُ النسبة إلى اللغة العربيةوأهلِها، عريقةُ النسب من حيثأصولُها الاشتقاقية، إلا أنَّاستخدامَها في المعنى اللغوي الذيأشار إليه أهل اللغة كان قليلاً، فلاتكاد تراها في الشعر الجاهلي أوشعر صدر الإسلام إلا قليلا، كقولرؤبة بن العجاج:
أوطنْت وطْنا لم يكن من وطني *** لو لم تكن عاملها لم أسكن
ولعل قلة استخدامها عند العرب بهذاالمعنى هو السر في التعبير فيالقرآن عن الوطن بالديار ،والبيت،كما في قوله تعالى: “وَإِذْ أَخَذْنَامِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ وَلاَتُخْرِجُونَ أَنفُسَكُم مِّن دِيَارِكُمْ ثُمَّأَقْرَرْتُمْ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ” [البقرة:٨٤] وقوله تعالى :”كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنبَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَلَكَارِهُونَ” [الأنفال:٥]. ذكر أبوحيان أن المراد ببيته: المدينة، البحر,٤/ ٤٥٨.
أما المَوَطِن جمع مَوْطِن ، فقد جاء فيالقرآن في قوله تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُاللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْأَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاًوَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّوَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} [التوبة:٢٥] أيأماكن الحرب كما في الطبري و فيفي البحر المحيط :“المراد بهامقامات الحرب ومواقفها، مأخوذٌ منتوطين النفس أي تهيئتها على مثلهذه المواقف كما أفاد أبو حيان فيالبحر المحيط ،٥ /٢٤.
وفي عصرنا الحاضر: لم يخرجمعنى الوطن عن دلالته في أصلاللغة لكنه أصبح أوسع دلالة فيعرف الناس، والعرف القانوني ،حيث يختص الوطن بمن يحملشهادة تابعية لدولةٍ ما ؛وعلماء اللغةفي العصر الحاضر يأبون الاعترافبهذا المدلول الواسع ،فنجد واضعيالمعجم الوسيط يستمرون في نقلكلام الأوائل في تفسير هذه الكلمة،قالوا: “الوطن مكان إقامة الإنسان ومقره وإليه انتماؤه ولد به أو لم يولد“.
وقد عرَّف الشيخ محمد عبده الوطن ،بمعناه القانوني والعرف المعاصر ،فقال :“المكان الذي للمرء فيه حقوقوواجبات سياسية” وذكر الشيخ: أنهذا حده عند الرومان، تاريخالأستاذ الإمام،٢/ ١٩٤.
ويمكن تعريفه أيضا: بأنه: المكانالذي ينتمي إليه الإنسان في حدودهالسياسية، وإن تعددت أقاليمهواختلفت انتماءات أهله العرقيةوالدينية والمذهبية.
فهذا التعريف لا يلغي التعريفاللغوي، وهو أوسع منه حيث يجعلكل ما تضمه الحدود السياسية منالأراضي وطنا للإنسان وليس الوطنمقصورا على مكان الولادة أو النشأةأو الإقامة .
الوطنية كمصطلح:
هذا بالنسبة للوطن أما الوطنية: فقدقال عبد العزيز جاويش وهو منأعلام الحركة الوطنية في مصر[١٢٩٣–١٣٤٧]في مقال له عنأصل الفكرة الوطنية “إن الشعوربالوطنية اصطلاح أفرنكي –أي:إفرنجي – انتقلت بذوره إلى الشرقمن مطاوي العلوم العصرية وأصولالمدنية الحديثة التي اهتدى إليهاالغرب” .
ونجد بالتتبع أن دلالتها انتقلت من النسبة إلى الوطن أو مؤنث الوطنيإلى الدلالة على معنيين متغايرين،الأول: اتجاه عقدي سياسي ، ، أوما يسَمى بالمصطلحات المعاصرة[آيديولوجي سياسي]وغالباً ما يَفرأصحاب هذا الاتجاه من وصفهبالأيديولوجي ، ويختصرون علىوصفه بالجيوسياسي ، أي الاتجاهالفكري للوطنية الذي تؤثر فيهالجغرافيا[جيو باليونانية] علىالسياسة ، والحقيقة أن العقيدة لدىأصحاب هذا الاتجاه يصعبإخفاؤها إذ إن الجغرافيا يصل بهاالأمر عند بعضهم إلى حد التأليه.
والمعنى الآخر للوطنية: قيمة خُلُقِيَّة،فالوطنية هنا ، هي مجموعة منالأخلاق النبيلة والعواطف باعثهاالأول : الانتماء للأرض ؛ وفيتقديري أن الخلط بين هاتينالدلالتين وعدم تمييز إحداهما عنالأخرى أدى إلى الخلط أيضا فيالحكم عليهما من زاوية فقهية .
فالاتجاه العقدي السياسي: نشأفي أوربا مصاحبا للاتجاه القوميهناك وكانت الدعوة في هذا التوجهإلى الثورة على الإمبراطورياتالأوربية التي يجتمع في ظلها عددمن الأقاليم التي لم يك بينها منجامع سوى في انتمائها إلى الدين المسيحي، وكان الدين الكَنَسيالكاثوليكي يُستغل لتعبيد الناسللأباطرة ، والنبلاء ، ورجال الدين ،وتسخير كامل جهودهم لمنفعة هذهالطبقة ؛ وبالتالي كانت إحدى دوافعالمشاعر الوطنية في أوروبا النقمةعلى الكنيسة وعلى الرابطة الدينية .
ولهذا تجاوزت الوطنية حدود كونهامشاعر انتماء إلى كونها بديلاً عنالدين كسقف سياسي ورابطةاجتماعية ، ومعيار ومحرك للأخلاقوالقيم ، والاقتصاد والسياساتومفسر للتاريخ ، أي أنها في كثيرمن صُوَرها أصبحت بديلاً عن الدين.
وانتقلت هذه الفكرة الاستقلالية منأوروبا إلى العالم الإسلامي ولاسيما تركيا حيث عاصمة الدولةالعثمانية ، التي لقَّب سلاطينهاأنفسهم بالخلافة ، ومصر التيكانت محط أنظار المثقفين العربحيث تُعتَبَر المحط الأول للثقافةالغربية الوافدة ،وكان رفاعةالطهطاوي من أوائل رُواد ما سُميبالنهضة الحديثة، ولعله أول من نقلكلمة الوطن بمفهومها الغربي إلىاللغة العربية ؛وكانت السيادة فيهاللعثمانيين ،ثُمَّ محمد علي باشاوأبنائه ،ثم خضعت لحكم ثلاثيغريب، حين تقاسمت الأدوارَ فيها كلٌمن بريطانيا ،وأسرة محمد علي،والدولة العثمانية.
ففي تركيا ،كان حزب تركيا الفتاةيعادي فكرة الجامعة الإسلاميةالتي كان ينادي بها السلطان عبدالحميد ،ويسعى –أي :الحزب–إلىرابطة طورانية تعزل الشعب التركيعن الشعوب الإسلامية التي لايقترب منها في العنصر, ،وتُقَرِّبه منالشعوب التي تقاربه في الأصولالعرقية ،وإن كانت تُباينها من جهةالديانة ،كالعرق الجرماني ، ونتج عنتَسَيُّدِ هذه الدعوة خلع السلطان عبدالحميد ، وحكم حزب الاتحادوالترقي القومي ، ثم انقلابالوطنيين على الدولة العثمانية ،وإعلان تركيا الحديثة ، في إطارمعادي للتدين ولأي شئ يربطالأتراك بالدين ، كاللغة العربيةواللباس التراثي ؛ فإضافة إلىاختلاط القومي بالوطني في التوجهالتركي ، كان التطرف العلمانيالذي كان له الأثر البالغ بارتباطالوطنية بمعاداة الدين .
وفي مصر مرَّ مفهوم الوطنية بمراحلمن التطور ، منها المفهوم العاطفيالذي يجمع بين الانتماء للدينوالانتماء للوطن ، على اختلاف يسيربين تنظيرات مفكريه ، كرافعةالطهطاوي وعبدالعزيز جاويشومصطفى كامل.
ومنها المفهوم المتطرف ، فقد كان مندعاة الوطنية في مصر مَنْ همشديدو العداء للرابطة الدينية التيتذكرهم دائما بالاستبداد التركي،وقدموا رابطة الوطن على رِباط الدينودعوا إلى مصر مستقلة سياسياوفكريا عن أي رابطة أخرى ؛بل إنمنهم من فَضَّل الاحتلال البريطانيعلى الرابطة الإسلامية ،وصرحبعداوة الاتجاه الإسلامي ،ثُمَّ تجاوزإلى ربط مصر بتاريخها الفرعوني،وعَزَلَها عن التاريخ الإسلامي ،وكانت تمثلهم صحف المقطم ومجلةالمقتطف والجريدة .والتجارة، ومنالأحزاب :مصر الفتاة وحزب الأمةالذي قاده فكرياً أحمد لطفي السيد.
وهذا النوع من الوطنية لا يقرهالإسلام لعدة اعتبارات
١–كونه يُقَدَّم كَبديل للدين ،فهومصدر التشريعات والعلاقاتالمصلحية والعاطفية ؛ ولذا فالوطنيةبهذا المفهوم دعوة تقدم مصلحةالإقليم والترابط فيه على مصلحةالدين ورابطته، ونحن وإن كنا نوقنبأنه لا يمكن أن تتعارض مصلحةالدين ومصلحة الوطن في الحقيقة،إلا أن اعتقاد تعارِضهما ظاهرٌ فيأذهان أصحاب هذا الاتجاه ،حيث لايعدون الدين معياراً لتمييز المصالحوالمفاسد، وقد أمرنا الله تعالى بتقديمالدين على الوطن عندما نقع فيهمابين خيارين، قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْفِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِيالأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِوَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْجَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً” [النساء:97]،كما قدم الله تعالى المحبة في الدينوالتآخي فيه على جميع العلاقاتالإنسانية، قال تعالى: “لَا تَجِدُ قَوْماًيُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْحَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْأَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْأُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَوَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍتَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَارَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَحِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُالْمُفْلِحُونَ” [المجادلة:22].
٢– الوطنية بهذا المفهوم فكرةانفصال سياسي ، مع أن الأكثرينيتصورون أنها فكرة توحيدية ، وهذاما أثبتت التجارب عكسه ،لأنها فيأصلها ، دعوة للتكتل على أساسالإقليم وهذا يجعلها دعوة تحجيميةإضعافية مآلها إلى ضعف دائم غيرمتناه ،إذ إن كل إقليم يتحد تحتشعار الوطنية ، في داخله أقاليم ،أو نواح ، وبذلك لا يُؤمَن أن يطالبأهل كل ناحية منه بالانفصال رافعينالدعوى نفسها التي انفصل بهاإقليمهم عن محيطه الكبير، والإسلامدعوة للقوة بكل معاييرها ومن معاييرالقوة الاجتماع وعدم التفرق.
والإسلام دين اجتماع وليس دينتفرق، ويَعُد الإسلام الاجتماعمكسبا ولذلك فهو ينبذ أي فكرةانفصالية, قال تعالى: “وَاعْتَصِمُواْبِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْنِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَبَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناًوَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِفَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْآيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ” [آلعمران:١٠٣] كما جاء الأمر بالالتزامبجماعة المسلمين في أحاديث كثيرةمنها :قول الرسول صلى الله عليهوسلم كما في صحيح مسلم ج٣/ص١٤٨٠
“من أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ على رَجُلٍوَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أو يُفَرِّقَجَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ”
الوطنية كقيمة خلقية:
تلتقي الوطنية بوصفها قيمة خلقيةوالوطنية بوصفها توجها آيديولوجياًسياسيا في أمر واحد لا غير، وهوتوجههما إلى الوطن بمفهومه الواسع،أي حيث تنتهي الحدود السياسيةلا بمفهومه التراثي الضيق .
فليس الوطن منحصراً في محلالإقامة أو النشأة أو الولادة ؛ بليمتد إلى كل شبر من أراضي الدولة،فحيث تنتهي الحدود السياسيةفذلك الوطن ،وذلك لأن تلك الحدودتفرض لمن ينتهي إليها حقوقاً ليستله في أي بقعة أُخرى من الأرض ،كما تفرض عليه واجبات ليست عليهتجاه أي بقعة من الأرض ، وهذايُعيدنا إلى التعريف الذي نقلناه فيالبداية عن الشيخ محمد عبده:“المكان الذي للمرء فيه حقوقوواجبات سياسية“
وبذلك يمكن تعريف الوطنية كقيمةخُلُقِيَّة بـ: محبة خاصة للبلد سببهاالولادة والنشأة في أكنافها والحقوق والواجبات التي يفرضهاالانتماء إليه ، يظهر أثرها في مدىما تُحَقِّقُه لدى المرء من غَيْرَةٍ علىوطنه، وحرصٍ على الرقي به،والحفاظ على مكتسباته ومودة أهلهومودة مَن يُنَاصِره، وبغض منيُعَاديه.
وهذه المحبة مركوزة في الطبائع لايكاد ينفك عنها قلب امرئ، سوى منكان في نفسه مرض يحرف فطرتهعن طبعها السوي، ونحن نعرفالأخلاق الفطرية من أنفسنا ومنسبرنا لمن حولنا ونظرنا في تاريخالإنسانية، فإذا وجدنا ثَمََ خلقا لاينفك عن الإنسان أنَا وجد فيالزمان والمكان علمنا أنه مما فطرالله الناس عليه ولا تبديل لخلق الله .
ولسنا لإثبات فطرة من الفطر بحاجةإلى كتاب فلسفي أو نقل عن عالمما، فما نعلمه من أنفسنا لا نحتاجإلى تعلمه من غيرنا .
ومن حكمة المولى عز وجل أن غرسهذه الفطرة في النفوس، ليتحققإعمار الكون الذي أمر الله بعمارته،فسُكنت الصحارى والقفار وأعاليالجبال وأحبها أهلها وتناسلوا فيهاآلاف السنين بالقدر نفسه من الحبالذي أفاضه أهل الأودية والأنهارومنابت الغابات على ديارهم، بلوقاتل أهل القفار وقتلوا دون ديارهمكما قاتل أهل الغابات وقتلوا .
ودين الله الذي ارتضاه لخلقه لاتُعارض أحكامه ما فطرهم عليه منسجايا وأخلاق، وإلا نكون قد زعمنافي الشرع عدم الحكمة أو التكليفبما لا يطاق، وهذا كما لا يخفى منالممتنع شرعا ولله الحمد والمنة .
بل جاء الشرع مؤيدا للفطر ومهذباإياها وحاميا لها بالشريعة من أنتنزلق بها الأهواء إلى مالا تحمدعقباه .
فمما يُعْرف به تأييد الشرع لمحبةالأوطان: ما جعله الله تعالى
من الثواب العظيم على هجرتها إليهسبحانه عندما تتوفر شروط الهجرةوموجباتها، ولعله لم يكن للهجرة هذاالفضل لولا ما لمحبتها من التأثير فيالنفوس السوية، وتمسك الأحراربأوطانهم وتحملهم في سبيلهامغبات كل شيء .
قال تعالى: “وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِاللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراًوَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراًإِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْوَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراًرَّحِيماً” [النساء:١٠٠]. وقد جعلهارسول الله صلى الله عليه وسلم قرينةللإسلام والحج في تكفيرها لما قبلهامن الآثام، كما في صحيح مسلمج١/ص١١٢ (أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَيَهْدِمُ ما كان قَبْلَهُ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُما كان قَبْلِهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ ما كانقَبْلَهُ).
وقرن الله تعالى قتل النفس بالإخراجمن الوطن في ميثاقه سبحانه علىبني إسرائل: ﴿وَإِذ أَخَذنا ميثاقَكُم لاتَسفِكونَ دِماءَكُم وَلا تُخرِجونَأَنفُسَكُم مِن دِيارِكُم ثُمَّ أَقرَرتُم وَأَنتُمتَشهَدونَ﴾ [البقرة: ٨٤]
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلموصحبه الكرام سادة من أحبواأوطانهم، فقد روى ابن حبان فيصحيحه ج٩/ص٢٣عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليهوسلم: (مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلْدَةٍ وَأَحَبَّكِإِلَيَّ وَلَوْلا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَاسَكَنْتُ غَيْرَكِ).
وكان صلى الله عليه وسلم لما قدمالمدينة هو وأصحابه يشتكونالشعور بالغربة حتى كان بلا لينشد إذا ارتفع عنه الوباء
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة *** بواد وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة *** وهليبدون لي شامة وطفيل
فقال صلى الله عليه وسلم كما فيصحيح البخاري ج٢/ ٦٦٧
(اللهم حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَأو أَشَدَّ )
وروى أصحاب السير فيما نقله فيالروض الانف ج٣/ ٢٥
حديث أصيل الغفاري حين قدم منمكة فسألته عائشة كيف تركت مكةيا أصيل فقال تركتُها حين ابيضتأباطحها وأحْجَنََ ثُمَامُها وأغدقإذخرها وأمشرََ سلمها ؛ فاغرورقتعينا رسول الله وقال (لا تشوقناأصيلُ )ويروى أنه قال له 🙁دعالقلوب تقر ).
ويُمكن أن يَعترض مُعترِض ، بأنالأدلة المتقدمة جاءت بخصوصمكان الانتماء بالولادة والنشأة ، لاغير ، ولم تأت بالانتماء للدولة ، وهيمجموع الأراضي التي تشملهاحدود سياسية ، وقد تتجاوز هذهالحدود مكان النشأة والولادة بكثير
؛ بل قد تكون الدولة ليست محلاًللولادة والنشأة أصلا كما في حالبعض أصناف الحاصلين علىجنسيات بلاد غير بلاد ولادتهمونشأتهم ، وكذلك هناك من يولدونوينشؤون في بلاد لا يحملونجنسياتها فلا يكون لهم فيها حقوقالمواطنة المُشار إليها في تعريفمحمد عبده ، وبذلك تكون الأدلة أعمبكثير من محل الاستدلال ؟
والجواب : أن الاستدلال كان علىفطرية عاطفة الانتماء إلى الوطن ،وهذا ثَبَت إقراره شرعاً من خلال تلكالأدلة ، فإذا كانت هذه العاطفة مقَرَْةًشرعاً في حق مكان ليس للمرء فيهإلا الولادة والنشأة ، وقد لا يكون لهفيه حقوق أو واجبات ؛ بل قد يكونمضطهداً فيه مسلوب الحقوق فيهكحال المهاجرين رضي الله عنهمحين كانوا مسلوبي الحقوق في مكة، ومع ذلك أقر الشارع عواطفهمتجاه مكة ، وأثابهم شرف أجرالهجرة لِما في مفارقتهم موطنهم منالآلام.
ولهذا فإقرار هذه العاطفة تجاه مكانفيه للمرء حقوق ، وعليه تجاههواجبات إضافة إلى الانتماءالتاريخي والنشأة والولادة ، مِنْ بآبِأولى ، وليس ثَمَّ فارق مؤثر يمنعصحة هذا القياس الجَلِي ،واستحداث الحدود السياسية وإناتسعت ليس فارقاً مؤثراً يمنعالقياس ؛ بل فارق يثبت أولويتهبالحكم ، لأن عاطفة الإنسان ومحبتهللمكان الذي يُرزق فيه قد تفوقمحبته للمكان الذي نشآ فيه وَوُلِد .
وأمَّا مَنْ أعطي جنسية بلاد ليس لهفيها ولادة ولا نشأة ، فقد حصل لهسَبَبٌ لإيجاد هذه العاطفة في نفسه، وهو أَنْ يُمنح حقوقَ المواطنينويقبل بواجباتهم ، فإن نشأت لديهتلك العاطفة بهذا السبب فذلك هوالأصل ، وهو مقتضى المروءةوسلامة الصدر ، وإن لم تنشأ لديههذه العاطفة ، فهذا عيب في جبلتهوليس قادحاً في أصل الشعوروحُكْمِه .
وأما الصنف الأخر وهم من وُلِدوافي بلد أو نشأوا فيها أو حصل لهمالأمران معاً ، ولم يحصلوا علىجنسيتها ، فهؤلاء حَصَل لهم السببالأهم لنشوء تلك العاطفة ، والأصلأنها تتحقق في نفوسهم ، وهذا واقعمشاهد ، وإن كان حرمانهم منالانتماء الرسمي بحمل الجنسيةوالحصول على الحقوق يُشْعِرُهُمبشيء من البخس والهضم ، وقديُشَكِّل عند بعضهم كراهية للكيانالسياسي باعتباره السبب في عدمحصولهم على ما يعتبرونه حقهم فيالتجنس ، إلا أن ذلك ليس خارماًلصحة قاعدة الشعور الوطني ولامشروعيتها .
ولنا أن نقيس الوطنية على القبلية،فقد جاء الإسلام إلى العرب والقبيلةهي الرابطة الأقوى بينهم، وهيالغاية المثلى التي يعيشون ويموتونمن أجلها، بل كانت القبيلة هيمصدر القِيَم في حياة العربي،ورُبما صح أن نقول إن الوطنيةالغربية بمعناها الآيديولوجي تشبهالانتماء القبلي عند العرب ؛وجاءالإسلام و ألغى القبيلة كغايةومصدر للقيم، لكنه لم يلغها كرابطةبين أهلها يستعملها فيما يحققللمجتمع الإسلامي منافع فيالتكافل والنصرة وغير ذلك مماجاءت به السنة النبوية.
فليكن شأننا مع الوطنية كشأنالإسلام والقبلية، فما زاد منالشعور الوطني على المشروع منهاوهو الحب وما يثمره من التألفوالنصرة بالحق والحماية والتنمية،فما زاد على ذلك غير مشروعلإفضائه إلى مفاسد لا يقرها الدينوتتنافى مع مقاصده ، كجعله عقيدةتنبثق عنها الأخلاق والقيموالتشريعات والعلاقات الاجتماعية .
فإذا كان هذا الحب مشروعا ، فليكنمشروعا كذلك ما يثمره من الغيرةعلى المحبوب والحرص على الرقي بهوالحفاظ على مكتسباته ومودة أهلهوبغض أعدائه.
وتكون المشروعية أكثر لزوما بلفرض عين حين يكون الوطن مسلماكما هو الحال في بلادنا ، المملكةالعربية السعودية، بكل ما تحمله هذهالكلمة من معنى، فما من رجل أوامرأة إلا وهم دائنون بـ لا إله إلا اللهمحمد رسول الله وما من مدينة أوقرية إلا وتشهد مآذنها بشهادة الحقوتسير شوارعها بقيم الدين الحنيف،ويُتَرَنََم في مدارسها بآيات الذكرالحكيم ،قراءة وتفهما ،ويؤمر فيأسواقها وجنباتها بالمعروف وينهىعن المنكر ويسعى بين أهلها بالأمنوالعدل .
عندها لا نحكم على محبة الوطنبأنها فطرة أو خلق وحسب؛ بل نقولإنها تصير عبادة لا يتم الإسلام إلابها .
ولا ضير من اتساع نطاق الشعوربالانتماء من القرية أو المحلة إلى ماتضمنته حدود الدولة، إذ هو كسائرالمشاعر النبيلة لا يمنع الإسلام مناتساع نطاقها, كالمحبة والكرموالعطف، مادام المحبوب والمكرَم ممنأبيحت لنا محبته وإكرامه والعطفعليه.
الوطنية والأخوة الإسلامية:
إن الأخوة في الله سبحانه وتعالىعلى دين الإسلام الذي لا يقبل اللهمن أحد سواه إحدى المُسَلَّمَات التيلا يمكن الجدال فيها ، وتقتضي هذهالمُسَلَّمَة أن يكون بين المسلمين منالتواصي والتراحم والتآخي كما بينالإخوة في النسب : “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَإِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوااللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ” [الحجرات:١٠] وفيما جاء في صحيح البخاري ج٥/ ٢٢٥٣ عن أَنَسُ بن مَالِكٍ رضي اللهعنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليهوسلم قال: (لَا تَبَاغَضُوا ولا تَحَاسَدُواولا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ولايَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِأَيَّامٍ) وعن عبد الله بن عمر رضي اللهعنهما كما في صحيح البخاري ٢/ ٨٦٢ 🙁أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليهوسلم قال الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَايَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كان في حَاجَةِأَخِيهِ كان الله في حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَعن مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ الله عنه كُرْبَةً منكُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًاسَتَرَهُ الله يوم الْقِيَامَةِ) وفي صحيحمسلم ٤/ ٢٠٠٠ عن النُّعْمَانِ بنبَشِيرٍ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللهعليه وسلم : ( الْمُؤْمِنُونَ كَرَجُلٍ وَاحِدٍإن اشْتَكَى رَأْسُهُ تَدَاعَى له سَائِرُالْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ)
وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواهالطبراني في المعجم الأوسط ٧/ ٢٧٠عن حذيفة قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم : ( من لم يهتمبأمر المسلمين فليس منهم و من لميصبح ويمس ناصحا لله ولرسولهولكتابه ولإمامه ولعامة المسلمينفليس منهم).
وهذه النصوص الرائعة في ترسيخمبدأ الأخوة الإسلامية، هي عينهاالنصوص التي ينبغي أن يترسخ بهامبدأ الشعور الوطني بكل جوانبه .
ذلك أن المسلمين وإن ثبتت الأخوةلكل منهم أينما كان إلا أنهم لا يمكنأن يكونوا في درجة واحدة منالأولوية في الحقوق كما أننا لانطالبهم في كل مكان بدرجة واحدةمن الواجبات نحونا .
فالأولية في الاستحقاق من قِبَلِنا هيلمن لنا عليهم الأولية في الواجباتنحونا، وهؤلاء بلا شك هم الأقربونالذين يعولوننا ونعولهم بحكمتساوينا في الاستحقاق من هذاالوطن، كما أن لنا بهم صلات أخرغير الإسلام والمشاركة فيالاستحقاق من هذا الوطن ، ألا وهيصلة النسب والمساكنة في الدارالمعتبرتان شرعا .
والعمل بالأوليات في مجال أخذالحقوق وإعطائها مبدأ لم تغفلهالشريعة، ومن أمثلته: ما رواه أبوهريرة رضي الله عنه كما في صحيحالبخاري ج ٢/ ٥١٨ عن النبي صلىالله عليه وسلم قال 🙁خَيْرُ الصَّدَقَةِ ماكان عن ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ)وفي رواية أبي أمامة رضي الله عنهكما في صحيح مسلم ٢ / ٧١٨ قالرسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يابن آدَمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لكوَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لك ولا تُلَامُ علىكَفَافٍ وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَالْيَدُ الْعُلْيَاخَيْرٌ من الْيَدِ السُّفْلَى)
وانظر إلى هذا الحشد من الرواياتالتي يسوقها البخاري رحمه الله دالةعلى فقه الأوليات :
قال رحمه الله صحيح البخاري،٢/ ١١٢
: “بَاب لَا صَدَقَةَ إلا عن ظَهْرِ غِنًى،وَمَنْ تَصَدَّقَ وهو مُحْتَاجٌ أو أَهْلُهُمُحْتَاجٌ ،أو عليه دَيْنٌ، فَالدَّيْنُ أَحَقُّ أَنْيُقْضَى من الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ ،وهو رَدٌّ عليه ليس له أَنْ يُتْلِفَ أَمْوَالَالناس ،وقال النبي صلى الله عليهوسلم ؛(من أَخَذَ أَمْوَالَ الناس يُرِيدُإِتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ الله) إلا أَنْ يَكُونَمَعْرُوفًا بِالصَّبْرِ فَيُؤْثِرَ على نَفْسِهِ وَلَوْكان بِهِ خَصَاصَةٌ ،كَفِعْلِ أبي بَكْرٍرضي الله عنه حين تَصَدَّقَ بِمَالِهِ ،وَكَذَلِكَ آثَرَ الْأَنْصَارُ الْمُهَاجِرِينَ ،وَنَهَىالنبي صلى الله عليه وسلم عنإِضَاعَةِ الْمَالِ فَلَيْسَ له أَنْ يُضَيِّعَأَمْوَالَ الناس بِعِلَّةِ الصَّدَقَةِ، وقالكَعْبُ رضي الله عنه قلت :يا رَسُولَاللَّهِ إِنَّ من تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ من مَالِيصَدَقَةً إلى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولهِ صلىالله عليه وسلم قال أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَمَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لك قلت فَإِنِّي أُمْسِكُسَهْمِي الذي بِخَيْبَرَ “.
فحق من يجمعك وإياه الدينوالمساكنة أوجب عليك من حق منيلزمك بأحدهما . .
ويقاس على هذه الحقوق سائرأنواع الحقوق من النصرة والحفاظفمن يشاركك في الوطن أولى بهذهالحقوق ممن يليه .
وكيف لا يكون كذلك وبينك وإياهشراكة في الكفالة الاجتماعية التييضمنها لك تساويك معه فيالاستحقااق من خير هذا الوطن،فما تأخذه من راتب إن كنت موظفا،هو من أعطاك إياه، وما تجنيه منمكاسب إن كنت غير ذلك، إنماأخذتها منه، وما يصيبك من خير هوأول منتفع به بعدك وما ينزل عليكمن ضر هو من يليك في تحملمشاقه .
وعلى ذلك فلا يمكن أن تكون نصرتكلأخيك في الإسلام النازح عنك فيالوطن طريقها جسد أخيك الأقرب أوماله أو أمنه أو عرضه ، ومن اعتقدذلك فقد قرأ في تعاليم هواه الأعوجولم يقرأ في تعاليم الإسلام، وشرالهوى ما كان على علم قال تعالى:“أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُاللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِوَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِمِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ” [الجاثية:٢٣].
وهذا كحال جماعات الغلو والتطرفالتي جعلت تدمير أوطانها واستباحةدماء أهلها ، خطوة بزعمهم نحوتحقيق وحدة الأمة.
وحين نقول: إن مصلحة الوطن لايمكن أن تتعارض مع مصالح الدينإذا نظرنا إلى قياس المصلحةبمنظور ديني، فإننا نكرر ذلك، فينصرة إخواننا المسلمين، حيث لايمكن أن تكون نصرتهم بإضعافناوتفكيك جماعتنا وإنهاك دولتنا، لأنمن نزعم نصره لا يريد نصيراضعيفا منهكا منشغلا بخلله منكفئاعلى جراحه، بل يريد مناصرا قويامجتمعا ملتفتا إلى عدوهما بِكُلِِه لاببعضه .
وكيف يكون لنا أن نتفرغ إلى عدومشترك ونحن نعالج ضعفنا أو نضعيدا في المعركة ويدا نشد بهاخواصرنا من الألم ؟
إن ذلك لشيء عجاب .
إن المسلم النازح إذا وقع في مصيبةفله منا كل شيء إلا شيئا يُلْحِق بناضررا لا يرضاه هو لنا ويجزع لناهو من أن يلم بنا كما ألم به .
وليس هذا من باب شح النفس فيشيء، كما أن إفساد النفس بما لايصلح به الغير ليس من الإيثار فيشيء أيضا.
فالإيثار خُلق رائع حين أتحملالمشقة من أجل أن يرتاح أخي،لكنها أبعد ما تكون عن مقاصدالشريعة والعقل والطبع السليم حينأظن أن صلاحه في هلاك نفسيوإفساد أرضي، إذ كيف يكونصلاح غيري في ضياعي وهلاكمكسبي، وقد قال الله في الثناء علىالمؤثرين “وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَوَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَإِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةًمِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْكَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّنَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” [الحشر:٩], فجعل الله الإيثار فيتحمل الخصاصة وهي شدة الحاجةولم يجعله في تحمل الضرر والفسادفي الدين والبدن، كما جعل الإيثارَمرتبةً عليا ليس مكلفا بها كل أحد،بل ليس مكلفا بها أحد، وإنما هيمن عظيم الأعمال التي تبلغبصاحبها ويبلغ بها مراتب الكمال؛وقد أشار البخاري رحمه الله فيالنص المتقدم إلى ذلك، ومن حملالناس قسرا على نوافل العباداتمما لا يطيقه سوى أصحابالمقامات فقد شرع لهم من الدين مالم يأذن به الله .
ومن يريد أن يفسد أرضا من بقاعالمسلمين من أجل صلاح أخرى فقدطلب الشفاء بما حرم الله وقد روىالبخاري عن عبد الله بن مسعودرضي الله عنه صحيح البخاري ج٥/ص٢١٢٩
(إِنَّ اللَّهَ لم يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَعَلَيْكُمْ) وقد حرم الله الإفساد فيالأرض مطلقا ولم يستثن حالا دونحال “وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَإِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّرَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ” [الأعراف:٥٦] – “وَلاَ تُفْسِدُواْ فِيالأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْإِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ” [الأعراف:٨٥].
“فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوافِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ” [الأعراف:٢٢].
وجاء التفسير العملي لهذه الآياتمن صحابة رسول الله الكرام رضيالله عنهم، حين مشوا لفتح الدنيا وهميحملون وصية قائدهم انْطَلِقُوا بِاسْمِاللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَلَاتَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلَا طِفْلًا وَلَاصَغِيرًا وَلَا امْرَأَةً وَلَا تَغُلُّوا وَضُمُّواغَنَائِمَكُمْ وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنوا إن اللهيحب المحسنين.
الوطنية والحدود السياسية:
الحدود السياسية معروفة مذ كانتالدول، وفي التاريخ الإسلامي عُرِفَتٌالحدود السياسية بين المسلمين معأول حدث انفصالي في التاريخالإسلامي حيث كانت الدولة الأمويةفي الأندلس أولَ دولَةٍ قُطْرِيَّة سنة١٣٨هـ، ثُمَّ تتابعت الحركاتالانفصالية ، وتتابعت هذه الدولطوال التاريخ الإسلامي ، وكل دولةكان لها حدود سياسية ؛ ولكن سلطةهذه الحدود على الأفراد وإلزامالناس بالتابعية للدولة هو منخصائص هذا العصر الحديث التيلا يشركه فيها غيره من العصور فيماأحسب، فقد كانت الدول تفرضسيادتها على ما هو داخل حدودها ،وكان القادر على الانتقال والسكنىفي غير وطنه الأصل لا يمنعه منذلك سوى عجزه أوعدم رغبته فيذلك.
وهذه الحدود هي نقطة الارتكاز لدىكثير ممن رد على الوطنية واعتبرهامنافية للإسلام بالكلية، فذكروا أنهذه الحدود قد وضعها العدوللتفريق بين أبناء الأمة الواحدة،ونجح في ذلك حيث أصبح التمايزبين أبناء المسلمين على أساس هذاالشريط الوهمي الذي لم يعدكماكان في السابق حدا لسلطاتالحاكم على الأرض بل أصبح أيضاحدا لسلطاته على الأفراد .
وهذا الكلام صحيح في الدول التيأنشأها الاحتلال الأوروبي ، حيث لمتكن قبله سوى ولايات أو أجزاء منولايات لدول سابقة ، وغير صحيحفي تلك الدول التي لم تنشأ في ظلالاستعمار ولم تطأها قدما مستعمر،ولكنه رغم صحته في كثير أو فيأكثر الدول الإسلامية المعاصرة ، لايصح مُتَعَلَّقَاً لتحريم الشعورالوطني، إذ إن هذه الحدود موجودةواقعاً مُعَاشاً أيا كان القول في سببوجودها، كما أن القول بتحريمه لنيؤدي إلى محوه من الصدور علىوجهه الذي وصفت أولا ؛بل سيشعرالناس بالتناقض بين مشاعرهمالفطرية التي لا حيلة لهم فيها وبينأحكام دينهم .ولا يخفى ما في ذلكمن المفسدة على نفس الإنسانوبدنه وعلاقته بمن حوله وعلاقتهبتعاليم دينه .
ولا أظنني أذهب بعيدا إذا قلت إنما يحدث من بعض المتشربين لأفكارجماعات الإفساد في الأرض باسمالدين من قَتلٍ وتخريب داخل بلدانهم، وإتلاف لمنشأتها ،جزء كبيرٌ منهمنطلِقٌ من شعور بالحقد علىبلدانهم أوجده الإحساس بالتناقضبين تعلقهم الفطري ببلادهم وأهلها،وبين ما يفتيهم به شيوخ جماعاتهممن كون هذا الإحساس كُفر باللهتعالى.
ولم يكن للعلماء المسلمين موقفمناوئ للحدود السياسية ، فلا نعرفعالماً أفتى ببطلانها ؛ بل لا أعلم أنهاشكَّلَت فيما مضى أزمة فقهية لدىالعلماء ، وربما كان وجود الخلافةالعباسية الرمزي سببا لعدم إثارةهذه القضية ، وأياً كان السبب فإنعدم إثارتها مع وجود جهابذة الفقهاءفي كل عصر ، يدل على أنها لم تكنمما يُستنكر شرعاً.
وقد تناقش العلماء في إمكانية أنيتولى إمامان وأكثر ، والذي استقرأهل الشأن عليه جواز ذلك ، وقدذكره القرطبي ، الجامع لأحكامالقرآن ١/ ٢٧٣ [عالم الكتب ١٤٢٣تحقيق هشام البخاري] وابن كثير[]والشنقيطي في أضواء البيان ،١/ ٨٣ ،[عالم الفوائد الطبعة الأولى١٤٢٦] في مباحث تفسير قولهتعالى : (إني جاهل في الأرضخليفة) وهم يعنون به الإمامةالعظمى ، فإذا كان هذا هو القولفي الإمامة العظمي ، فلاشك أنجواز تعدد الأمراء من باب أولى ،وهذا ما حرَّره الإمام الشوكاني ،وقال بعد تقريره لجواز تعددالسلاطين وحرمة الخروج عليهم فيبلدانهم ما نصه:“فاعرف هذا فإنهالمناسب للقواعد الشرعية والمطابق لماتدل عليه الأدلة، ودع عنك ما يقالفي مخالفته، فإن الفرق بين ما كانتعليه الولاية الإسلامية في أولالإسلام وما هي عليه الآن أوضح منشمس النهار، ومن أنكر هذا فهومباهت لا يستحق أن يخاطببالحجة لأنه لا يعقلها” السيل الجرار،٤/ ٥١٢.
ثم إن الحدود السياسية المعاصرة ،وإن قلنا بأن الاستعمار هو منوضع أكثرها ، فبعد أن أصبحتواقعا مُعاشا فليس وضع المستعمرلها مناطا للتحريم ؛ لأن وجودهاليس هو الحائل بين قيام الحُكَّاموالمحكومين بالشرع كما أنها ليستحائلاً دون حفظ الدين والنفس والمالوالعقل والعرض ؛ بل إن حفظ هذهالمقاصد متيسر مع وجود هذهالحدود إذا عدل الحكام وأصلحوا ،وراجع الناس دينهم كما أمرهمربهم، كما أن ما نتج عن هذهالحدود من أخطاء يمكن معالجتهبغير النهوض على الواقع ومعاندتهوتحريم ما لم يأت كتاب ولا سنةبتحريمه،وقد فعلت دول السوقالأوربية ما ينبغي أن يكون فيه عبرةللمسلمين إذ وصلت من التقارببينها إلى ما فيه مصلحة شعوبها مايقوم مقام الوحدة السياسية مع بقاءهذه الحدود ، مع عدم تأثيرها علىالتنقل والتجارة ، وهو ما كان عليهالأمر في الدول الإسلامية فيما قبلالعصر الحديث.
ونحن نتحدث عن الوطنية باعتبارهاقيمة أخلاقية، وبهذا الاعتبار ليستالحدود السياسية أسواراً عالية لايمكن تجاوزها، كما أنها ليستخطوطا وهمية لا اعتبار لها، بل هينقاط البداية ونقاط النهاية لجهاتمن الأرض يضمن فيها الإنسانحقوقا أصيلة على الراعي والرعيةيستوجبها انتماؤه لهذه الأرض،بحيث إذا تجاوزها تصبح حقوقهمرتهنة بما يقدمه للبلد المضيف منفروض وواجبات .
ويمكن لهذه الحدود أن تتسع كمايمكن لها أن تضيق حسب ما يَجِِدُّفي داخلها وفي محيطها من عواملالضيق والاتساع التي عرفناها فيتاريخ الدول، وتضيق معها حدودالانتماء وتتسع أيضا لكن وفقاللحقوق الأصيلة المصاحبة دوماللحدود السياسية .
وهذا المفهوم يخالف ما عليه المنادونبالوطنية باعتبارها توجها عقدياًسياسيا، فالحدود عندهم يمكن أنتضيق ولا يمكن أن تتسع، إذ إنالوطن لديهم مرتبط باسم الإقليمالذي ينتمون إليه لا بالحدودالسياسية التي تضمه، لذلك نرىفي الدولة الواحدة مطالب انفصاليةعلى أساس وطني ويندر أن نجدمطالب وحدوية إلا على أسس قوميةأودينية، ولهذا قَدَّمْتُ أن الوطنيةكتوجه سياسي غير مقرة شرعا وذلكلاعتبارها نزعات انفصالية غيرمتناهية .
الوطنية وحقوق الإمام:
يرى البعض أننا في غير حاجةللقول بالوطنية على أي أساس منالأسس، وذلك أن ما ننشده منالانضباط والطاعة مكفول فيالإسلام بإيجاب طاعة الإمام، فإذاأوردنا على المتمرد ما يلزمه منالحقوق لولي الأمر فقد قطعنا عليهالطريق بحكمٍ أصيلٍ في الشرع لالبس فيه، وصريحِ العبارة ممتنعٍ علىالتأويل، وحققنا بذلك ما نرجوا أننصل إليه دون أن نلجأ إلى تكلفتشريع مصطلح دخيل علينا ثقافةوتاريخا وهو الوطنية.
والجواب: أن مسألة الوطنية ليستمن المسائل الافتراضية التي تعدمناقشة الفقهاء لها تكلفا أو ترفافكريا، بل هو مصطلح يُنادَى به فيكل مكان وتقوم على أساسه حركاتوتنظيمات وتهراق في سبيله دماءوأموال، وعليه فلا يصح أن يترك دونأن يدرس ويبين الوجه الصحيح فيه .
ولا شك أن ما ورد في الكتاب والسنةمن وجوب الطاعة لولي الأمر والحثعلى لزوم الجماعة له أبلغ الأثر فيكبح كثير من الأنفس الجامحة إلىالفرقة وإثارة الفتن، ولكن ذلك لايعني بحال أن نجعل طاعة الإمامملغية لسواها من القِيَم ؛ بل الطاعةبالمعروف حكم شرعي لازم يتفق عليهعلماء أهل السنة ، ومحبة الأوطانخُلُق وقِيمَة، وكلاهما تتضافرانلتحقيق ما نرومه من غايات المنعةوالقوة والاستقرار والبناء ، والشعورالوطني ينتج إخلاصاً في العملوالحدَب على البلاد والحرص علىصورتها بين الخلائق والدفاع عنهابقوة ربما لا تحققها مشروعيةالطاعة وحدها ؛ تضافر الدليلين علىمدلول واحد مما يحقق صحته ويؤكدالثقة بثباته.
الوطنية كما نشرحها هنا حب ،ولايكون الحب صحيحا حتى تظهرآثاره في تصرفات المحب نحومحبوبه، وإذا صدق القلب في محبةالوطن أثمر رفقا وتهذيبا في تعاملالجوارح مع أجزاء هذا الوطنومكوناته، كما يثمر إخلاصا وصدقافي العمل من أجل نمائه وتقدمه،وغيرةً على أهله ومكتسباته.
وفي الختام أخلص إلى أن الوطنيةبالمفهوم الذي شرحت ليست مماينافي الإسلام ، وإنما هي ممايؤكده الإسلام ، لأنه شعور فطري ،والإسلام لا يعارض الفٍطَر ، وإنمايُهَذِّبُها .
أشكر الله ثم أشكركم صاحب الفضيلة على هذا البسط المتوازن .. فإنه ما من انسان عاقل إلا ويؤثر لنفسه ولمن حوله السلامة والعافية , وربما ما نسمعه أو نراه من ردة فعل لا تقبل الحديث حول الموضوع ناتج من الطرح السلبي والنظرة الضيقة لمفهوم الوطنية والتي للأسف هي الغالبة على الإعلام في المناسبات الدورية ..
فلعل ترقي الطرح الإعلامي مستقبلا لمثل ماذكرتم يسهم في الشفاء .