آخر الأخبار
قراءة في التاريخ العثماني ومحاولة للإنصاف
كلما شهدت الساحة الثقافية حوارًا حول الدولة العثمانية في أي بلد عربي اتخذ هذا الحوار شكلًا اصطفافيًّا؛ وفي الغالب يبتعد به هذا المنحى عن المنهج العلمي الذي يعتمد معايير دقيقة للنقد، ويصبح الرأي في هذه الدولة التي حكمت أصقاع كثيرة من العالم خادمًا للتوجه السياسي أو التوجه القومي أو العقدي؛ وبذلك يُلْبِسُه الكتَّابُ أحدَ الثوبين الأبيض أو الأسود.
وهنا سأدلي برأيي في الموضوع مبتغياً سلوك منهج نقدي أطلب من خلاله الوصول إلى الصواب وأسأل الله أن يوفقني إليه، وأن يجنبني الظلم والزلل في القول والعمل، ويغفر لي خطيئتي يوم الدين.
والسوق الثقافي مفتقر حقاً إلى دراسة نقدية محايدة تتبع معايير صحيحة وإسلامية في النقد التاريخي ، فالموجود الآن فيما أعلم إما كتب تنظر لها كدولة مفترى عليها وليس غير ذلك ، وإما كتب تنظر إليها كدولة استعمارية بغيضة.
وفي وقتنا الحاضر فإن حاجتنا لدراسة تقييمية للدولة العثمانية أمس من حاجتنا لدراسة أي دولة إسلامية غيرها وذلك لقربها من واقعنا المعاصر ولأنها المؤثر الأكبر فيه ، ولأن تجربتها في علاقاتها الدولية وبنائها الداخلي ثرية جداً ونحن في حاجة الاستفاده منها سياسيا واجتماعيا وإدارياً .
وقد اعتمدت في هذه القراءة على كتابين مهمين: أولهما تاريخ الدولة العليا لمحمد فريد وجدي ؛ وهو كتاب وصفي ويحتوي كأي كتاب تاريخي على العديد من الأخطاء التي نبه إلى كثير منها محقق الكتاب المؤرخ الفذ إحسان حقي ؛ ومع ذلك يبقى الكتاب من محاسن ما كتب بالعربية عن هذه للدولة ؛ وقد تُرجمت كتب عديدة لمؤرخين أتراك لكنها في الغالب الأعم لا تخرج كثيرا عن خط محمد فريد رحمه الله في كتابه .
الكتاب الآخر هو الدولة العثمانية تاريخ وحضارة ، ويقع في أكثر من ألفي صفحة من الخط الصغير جدا والمتعب جداً ، بحيث لوكتب بطريقة أفضل لربما بلغ عشر مجلدات ؛ وهو كتاب تحليلي عبارة عن عدد كبير من البحوث الصغيرة المتخصصة أشرف عليها الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين السابق لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
وقد عكفت على هذين الكتابين طيلة الأيام السابقة واستخلصت هذه القراءة معتمداً في ذلك على معايير اخترتها؛مع علمي بأنها ليست هي كل المعايير المطلوبة لكنني أردت بورقتي هذه أن تكون نموذجا لما هو المطلوب من المؤرخين من قارئ مثلي ، نعم فأنا أكتب ورقتي هذه كقارئ لا كمؤرخ متخصص .
المعيار الأول: نشر الإسلام وحماية الدولة الإسلامية من أعدائها.
وقد عملت الدولة العثمانية على نشر الإسلام في شرق أوروبا ووسطها عن طريق الفتوحات العسكرية، وحققت انتصارات عظيمة، فقد ضمت إلى أملاكها: بلغاريا والمجر ورومانيا والبلقان بجميع دولها الحالية، وألبانيا وأجزاء كبيرة من اليونان ومعظم جزائر البحر الأبيض المتوسط، وشمالي البحر الأسود وأرمينيا؛ ودخل الإسلامُ بشكل قوي في كل تلك البلاد، وكانت نسب المسلمين في تلك البلاد عالية جدًّا من أهل البلاد الأصليين؛ إلا أن هذه النسب تقلصت كثيرًا بسبب المذابح التي تعرضوا بعد ضعف الدولة حين بدأت نجاحات الدول الأوربية في استعادة تلك الأصقاع؛ وكثير من أهل تلك البلاد انتشروا في أراضي الدولة العثمانية؛ كالأناضول والشام والعراق والحجاز ومصر؛ ولا تزال كثير من الأسر تحتفظ بألقابها الأوربية القديمة في البلاد العربية .
أما نشر الإسلام في إفريقيا وشرق آسيا فلم أر لذلك ذكرًا في الكتابات التي اطلعت عليها.
كما أسهمت الدولة العثمانية قبل القرن الثالث عشر الهجري في حماية ثغور المسلمين في شمال إفريقيا والبحر الأحمر من الحملات البرتغالية ثم الفرنسية والإنجليزية؛ بل إن الدولة المغولية الإسلامية في الهند استنجدت بها فجرد السلطان سليم أسطولا بحريا عظيما اتجه إلى الهند عبر مضيق باب المندب وحرر الثغور الهندية من البرتغاليين وأضعف شوكتهم في بحر العرب والمحيط الهندي .
كما كانت الدولة سببًا رئيسيًّا في حماية البلاد العربية من المد الصفوي، حيث كان الصفويون على اتفاق مع دول الغرب على الإجهاز على الدولة العثمانية، وكانت تحركات الصفويين نحو العراق دائمًا ما تتوافق مع تحركات العثمانيين نحو وسط أوربا، ولا أشك أن حصار العثمانيين لـفينا كان من الممكن أن ينجح ويصل العثمانيون إلى أقصى غرب أوربا؛ بل كان من الممكن أن تتغير المعادلة لصالح مسلمي الأندلس لينجوا من محاكم التفتيش لولا دخول الصفويين أكثر من مرة لإنقاذ أوربا.
أما مع بداية القرن الثالث عشر الهجري فقد كانت انتكاسات العثمانيين كثيرة ومتوالية؛ وإن كان يحسب لهم وقائع عديدة؛ كهزيمة نابليون في عكا بعد أن استطاع انتزاع مصر لتكون تحت الإدارة الفرنسية لمدة ثلاث سنوات؛ وبعد خروج جيوش الفرنسيين من مصر لم تراجع الدولة العثمانية أخطاءها التي كانت سببًا في سقوط أعز ممالكها وهي مصر؛ بل عادت إلى سياستها الأولى، الأمر الذي كاد يكون سببًا لسقوطها خلال سنوات قبائل حين هددت جيوش محمد علي باشا بدخول الأناضول، الأمر الذي قلب كثيرًا من استراتيجيات العثمانيين ؛ وبدلًا من أن يكونوا أعداء لبريطانيا وفرنسا أصبحوا يطلبون الحماية منهما؛ حيث استنجد السلطان محمود الثاني بالدول الأوربية لحماية السلطنة من محمد علي باشا، الذي استطاع ضم الشام وهَزمت جيوشُه جيوشَ العثمانيين، وتم توقيع معاهدة كوتاهية عام 1249 بإشراف الدول الأوربية.
واستنجد السلطان عبدالمجيد بألد أعداء العثمانيين، وهم: روسيا والنمسا وبريطانيا؛ كي يوقعوا مع محمد علي باشا اتفاقية لندن عام 1255.
فالغالب على الدولة العثمانية من بداية القرن الثالث عشر هي الخسائر والتمكين لأعداء الدولة وأعداء الإسلام في بلاد الإسلام.
بل إنه بعد سقوط الصفويين سنة 1148 وتولي الأفشاريين ومن بعدهم القاجاريين مقاليد الحكم فيما يعرف اليوم بإيران أدى ضعف الدولة العثمانية إلى تمكن دعاة التشيع الإيرانيين من تمكين مذهبهم في العراق، وإيجاد موطئ قدم له في الشام.
المعيار الثاني:نشر السنة وإماتة البدعة.
فهذا المعيار لم تكن الدولة العثمانية موفقة فيه أبدًا، وهي وإن كانت وفق التصنيف العام دولة سنية، لكنها كانت داعمة لنشر البدع والخرافات التي لا تليق بالسنة ولا بأهلها؛ وكانت الطرق الصوفية الغالية جدًّا، بل والتي تخرجها كثير من مبادئها عن حقيقة الإسلام تحظى برعاية فائقة من الدولة سواء في عهدها الأول، حيث كانت مجرد إمارة في الأناضول، أو بعد عهد فتوحاتها في العراق والشام وشمال إفريقيا؛ولم يكن انتشار التصوف في الدولة العثمانية وتبنيها له مقتصرًا على الثلث الأخير من عمرها كما يتصور البعض؛ بل كان التصوف قرينًا لنشأة الدولة العثمانية، وكان أمراؤها قبل أن يصبحوا سلاطين أو خلفاء يدعمون جميع الطرق الصوفية، لا يفرقون بين الغلاة منهم؛ كالحلوليين والاتحاديين، وبين من يظهرون الاعتدال.
نعم.. وقفت الدولة العثمانية في وجه بعض الطرق الصوفية في فترة زمنية محددة؛ كالطريقة القلندرية، ولم يكن ذلك معبرًا عن منهج لمحاربة الخرافة؛ بل لأنه ثبت لدى الدولة ضلوع أتباع ومشايخ هذه الطريقة في دعم الدولة الصفوية؛ فتمت محاربة هذه الطريقة بشكل قوي جدًّا، وبقيت الطريقة البكداشية محل تعظيم كثير من السلاطين، وهي فرع عن الطريقة القلندرية وهي طريقة خرافية خبيثة تبتعد بها كثير من أصولها عن حقيقة الإسلام ؛ ودعمت الدولة العثمانية الطُرُقيين دعمًا غير تقليدي؛ فأيدت الدروشة والدراويش والتنابلة الذين لا يعملون، وكان السلاطين ينشئوون تكايا كبيرة؛ ليسكن فيها هؤلاء التنابلة؛ وهم عبارة عن بطالين مخادعين يتكسبون بخداع الناس وادعاء الولاية أو التجرد للعبادة، ويجوبون الأسواق بما يشبه ما يفعله الهيبز والهوملس في أوربا وأمريكا.
كما كانت الدولة تدعم بشكل مباشر أو غير مباشر بناء الأضرحة، وتشجع الناس على زيارتها، والنذر والذبح لها، ودعائها من دون الله تعالى، وقد ورد في مراسلات الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد مع والي بغداد إقرار الوالي بوجود هذه الخرافات ودفاعه عنها؛ ولم يكتف العثمانيون بدعم البدع والخرافات، بل كانوا يقفون في وجه الحركات الإسلامية الدينية والداعية إلى محاربة البدعة والخرافة؛ كدعوة الشيخ محمد بن بير علي البركوي، المتوفى سنة 981هـ، وحركة قاضي زاده، ومن سار على مدرسته من بعده ت 1044، وهما حركتان علميتان سلميتان تركيتان، ثم حركة محمد بن سليمان الروداني، وهو عالم مغربي نزل الحجاز، وتولى الوزارة فيه، ثم لما عمل على إحياء السنة وإماتة البدعة تم عزله واستدعاؤه إلى الشام، وتوفي سنة 1094؛ وكل هذه الحركات ضمن أملاك الدولة العثمانية.
كما أعلنت الدولة العداء لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب منذ بداية ظهورها وقبل أن تتكون لها دولة؛ حيث كتب السلطان محمود الأول إلى الشريف مسعود بن سرور في حدود عام ١١٥٢هـ يطلب منه قتل الملحد، يعني: الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، وزوده بعشرين ألف ليرة ذهبية.
المعيار الثالث: العدل.
في هذا المعيار، وعدد من المعايير الأخرى، لا يمكن أن يقدم القارئ للتاريخ العثماني حكمًا واحدًا على كل ممالك الدولة العثمانية وكل عصورها؛ فحين ننظر إلى إقامة العدل في الدولة بعد نشوئها في عام 922هـ نجد أن ما قبل هذا العام كانت فتوحات الدولة مقتصرة على أوربا وكانت محاذية لدولة المماليك؛ أما بعد هذا التاريخ فقد توسعت في الأراضي الإسلامية فدخل في حكمها: مصر والشام والعراق والحجاز واليمن وبرقة وطرابلس وتلمسان؛ فأصبحت ولاياتها شديدة البعد عن السلطنة؛ولم تكن اسطنبول تعتني كثيرًا بالهيكل الإداري في أكثر البقاع العربية التي دخلت في حكمها.
وقد تمتعت الدولة بنظام قضائي ممتاز، بل يمكن الجزم بأنه لم يكن مثله آنذاك موجودًا في العالم؛ يعتمد على حفظ الضبوط ونسخ الصكوك بشكل دقيق جدًّا، ورثه العثمانيون عن العهد العباسي ثم طوروه؛ لكن تطبيق هذا النظام العدلي كان يضعف كلما ابتعدنا عن مركز الدولة، ففي مصر مثلًا: أبقى السلطان سليم بعد انتصاره في موقعة الريدانية على نظام الإقطاع وعلى سلطة المماليك الذين كانوا يسومون الناس خسفًا، والذين وقف الشعب مع جيوش سليم الأول ضدهم من أجل كثرة مظالمهم؛ لكن المؤسف أن سقوط سلطنتهم لم تكن تعني سقوطهم وتخلص الشعب منهم؛ ولذلك قال يونس باشا الوزير الأول للسلطان سليم وهم في طريق رجعتهم من مصر:إنك لم استفد من فتحك لمصر ، فقد خسرت نصف جيشك ، وتركت المماليك الخونة يظلمون الناس كما كانوا من قبلك .
وقد خَفَّت مظالمهم-أي المماليك- فترة من الزمن، لكنها عادت بكل قوتها حتى قضى عليهم محمد علي باشا؛ ولم تعد سلطة العثمانيين مباشرة على مصر، بل عن طريق الوالي المتنفذ، والذي أسس في مصر مملكة كاملة الصلاحيات لا تخضع للسلطان إلا إسميًّا.
بل أصبح تعيين الولاة على الأقاليم لا يشترط فيه إقامة الوالي في الإقليم الذي تولى عليه؛ وكان بعض الولاة ينيبون عنهم من يباشر العمل نيابة عنهم حتى يبقوا قريبًا من السلطان وأصبح تولي الولاية فرصة لمزيد من الثراء وليس وسيلة للعطاء ؛ كما أن أبناء البادية لم يكن للدولة عليهم سلطان، ولا تقدم لهم أيا من الخدمات، اللهم بعض بوادي الشام والعراق؛ فكانت الدولة تعقد علاقات مع رؤسائهم من أجل الاستفادة منهم في تأمين السبل، وفي مناصرة الدولة على بعض مخالفيها؛ ليس هذا وحده، بل سكان الأرياف والقرى لاسيما البعيدة كأرياف وقرى عسير وقرى اليمن لم تكن الدولة تقدم لهم خدمات عدلية ولا أمنية.
لكن هذا التقصير لم يكن موجودًا في الأناضول أو أوربا الشرقية حيث كانت الكلمة هناك في كل شيء للدولة.
المعيار الرابع: العلم والتعليم.
في عهد الدولة العثمانية ضعف علم رواية الحديث بشكل كبير جدًّا؛ كما انقطع الاجتهاد بل صدرت فتوى بإغلاق بابه؛ وبقيت علوم الفقه والتراجم والعربية والمنطق والتفسير بالرأي على ما كانت عليه قبل الدولة العثمانية، فلم تنشأ في البلاد العربية عواصم علمية جديدة ولا حركة علمية ملفتة للنظر؛ الذي استجد هو انتشار العلم الشرعي في المناطق الإسلامية الجديدة، أعني: هضبة الأناضول وأوربا الشرقية؛ فقد كانت إزمير واسطنبول وبلغاريا والبوسنة تخرج علماء في الشريعة والعربية، وكان هذا النشاط العلمي في تلك البلاد أمرًا سارًّا ومؤثرًا؛ أما البلاد العربية فقد بقيت الكثير من مدارس دمشق وحلب والقاهرة والقيروان والمدينة ومكة على ما كانت عليه؛ وهي للنقصان أقرب منها للزيادة؛ وذلك أنه لم يعد يخرج لنا من الأعلام من كانوا على مستوى علماء السنة في العهد المملوكي؛ كابن تيمية وابن كثير والسبكي والمزي وابن حجر والسيوطي والسخاوي وغيرهم كثيرون جدًّا؛ إلا قلائل ازدهرت بهم سماء العلم في العهد العثماني؛ كابن حجر الهيتمي وملا علي القاري ومنصور البهوتي وابن عابدين وقليل من أمثالهم ؛ وخرح في الأناضول أعلام كبار كعبداللطيف بن الملك والإزميري ومللا خسرو .
ولم تقدم الدولة إنجازات تُذكر في الأوقاف على العلم والعلماء وإنشاء المدارس؛ حتى في الأناضول اقتصرت المدارس التي اعتنت بها الدولة العثمانية على الزوايا والتكايا والمدارس القديمة.
وفي مجال العلم التجريبي شهد العهد الأول للدولة العثمانية قوة في علوم الرياضيات والميكانيكا والعمارة، ظهرت معالمها وآثارها في حصار القسطنطينية وفي حروب شرق أوربا، ثم في معركة مرج دابق التي استخدم فيها العثمانيون المدافع والبنادق؛ لكن هذا التقدم العلمي في مجال التقنية توقف فجأة ولم يبق ما تتميز به الدولة العثمانية سوى فن العمارة وإنشاء الطرق؛ ومع ذلك لم يستغل العثمانيون ذلك الفن في عمارة الحرمين؛ إذ بقي الحرم المكي على عمارته التي تركها عليه الخلفية العباسي، ولم توسع فيه الدولة العثمانية شيئًا يذكر، وكذلك المسجد النبوي تركه العثمانيون كما كان في عهد المماليك إلا كثيرًا من التحسينات والخطوط والزخارف؛ وحين احترق جزء من سقف المسجد الحرام الذي كان على عهد الخليفة المهدي العباسي المتوفى سنة ١٦٩هـ ؛ أمر السلطان سليم الثاني عام ٩٨٠هـ بخلع سائر السقف الخشبي للمسجد الحرام واستبداله بسقف حجري على شكل قباب، وجُلب لهذه القباب أعمدة رخامية فاخرة؛ وكان عملًا هندسيًّا عظيمًا ظل سمة خاصة بالمسجد الحرام حتى يومنا هذا.
ولا زال الرواق يسمى بالرواق العثماني مع أن الإنصاف التاريخي يقتضي تسميته برواق الخليفة المهدي ؛فالعثمانيون وإن كان عملهم فيه يعد إنجازاً معمارياً فيضل عبارة عن تحديث وترميم لجهد الخليفة العباسي الثالث؛
ومن الصعب معرفة الأسباب التي أوقفت تقدم العلم التجريبي والتكنولوجيا في الدولة العثمانية مع أنها بدأت بداية ممتازة، وورثت تراثًا مكتوبًا كثيرًا من الحضارة العباسية دونه حاجي خليفة العسكري العثماني في كتابه كشف الظنون ؛ وطاش كبري زادة في كتابه مفتاح السعادة؛ كما أنها عاصرت النهضة الأوربية وكان بالإمكان نقل التقدم العلمي الذي حصل هناك بسرعة والمنافسة فيه بل وكان بالإمكان احتضان بدايات النجاحات التكنولوجية حين كانت مضطهدة في بلادها أوربا الغربية؛ والظاهر أن الفكر الصوفي والماتريدي اللذين يعتمدان على الجبر والجمود وتشغيل الأذهان في عالم الغيب دون عالم الشهادة ؛كان لانتشارهما أثره البالغ فيما حصل من تخلف العالم الإسلامي عن ركب التكنولوجيا؛ وقد نشأت الطباعة في ألمانيا مبكرًا في حدود 880 هـ وانتشرت المطابع في أوربا، ومع ذلك لم يعرفها المسلمون إلا في القرن الثاني عشر الهجري حيث افتتحت أول مطبعة للمسلمين في الدولة العثمانية سنة ١١٢٨هـ مع أن اليهود والأرمن في الدولة قد أنشأوا لأنفسهم مطابع قبل ذلك التاريخ بأكثر من مائة عام ؛ كل ذلك مع أن الدولة العثمانية كانت متاخمة لأوربا الغربية، ورغم العداء الكبير بين الطرفين إلا أن نقل فكرة الطباعة لم يكن أمرًا عسيرًا خاصة وأن اليهود أسسوا مطبعتهم في اسطنبول بإذن من السلطان سنة ٨٩٨ هـ.
المعيار الخامس: موقف الدولة العثمانية من الجزيرة العربية.
بعض الأصقاع في الجزيرة العربية سَلَّمَت أمرها سريعًا للدولة العثمانية اعتبارًا منهم لكونها هي الدولة الكبرى والأقوى والتي ينبغي أن ينضوي الجميع تحت رايتها؛ لتتولى مسؤولية الدفاع عن الأمة الإسلامية ويشاركوا هم تحت رايتها في هذه المسؤولية؛ فقد قام الشريف أبو نمي الثاني بتسليم مفاتيح الكعبة للسلطان سليم بعد انتصاره في معركة الريدانية قرب القاهرة سنة 922.
واستسلمت عدن وسواحل عمان للقوات البحرية العثمانية دون مشقة، وامتد النفوذ العثماني من عدن إلى باقي عواصم اليمن؛ وامتد من مكة والطائف إلى إقليم عسير؛ لكن الدولة لم تقدم لتلك البلاد سوى بناء القلاع الخاصة بجنودها وأخذ الخراج من أهلها؛ مع الإبقاء على الحكام المحليين ودعمهم ماداموا يعِينون جنود الدولة على استحصال الخراج الذي لم يكن يؤخذ بطريقة شرعية أو عادلة.
أما مكة والمدينة فقد كان سكانهما يحظون بالكثير من الرعاية العثمانية، وكانت الصُّرة السلطانية تُحمل إلى مكة والمدينة سنويًّا وتفرق في جيران الحرمين[وكانت هذه الصورة تأتي مصر في العهد المملوكي]إضافة إلى الهبات والأوقاف التي كان العثمانيون من سلاطين وباشاوات يسبلونها في أهل الحرمين الشريفين.
وكان من ثمار ذلك أن امتلأت هاتان المدينتان بالساكنين؛ وكانت مكة تكاد تخلو من السكان تمامًا في الصيف حينما لا يوافق أحد المواسم المعظمة؛ بل ربما جاء وقت كانت الظباء والوعول تدخل المسجد الحرام آمنة لا تجد من تخشاه لقلة عمار الحرم وقلة الساكنين؛ وكان لعطايا العثمانيين أثرها في عمارة المسجد الحرام بالناس من مختلف انحاء العالم الإسلامي.
أما الأمن فلم تكن الدولة تعتني به وكانت توكل أمره إلى أشراف الحرمين الذين يختلف قيامهم بأمر الأمن باختلاف قوتهم؛ والغالب الأعم أن مال البادية من التفرق والحروب بينهم وإخافتهم للطريق هي الحال نفسها في جميع ممالك الدولة التي تكن تنظر للبدو كرعايا، بل كانت تنظر لهم كمجرمين فقط؛ وقد كان من نظام السطان سليم حينما دخل مصر أن أطلق اليد للمماليك في حرب البدو وعقوبتهم؛ ولم يجعل ذلك وفق الأحكام الشرعية؛ ولم تعمل الدولة أيَّ شيء في سبيل توطينهم أو حل مشكلاتهم.
ولما كان غالب وسط الجزيرة وشمالها من البادية فإن الدولة لم تضم تلك البقاع غير المفيدة بالنسبة لها إلى طاعتها؛ وعلى العكس من ذلك كانت الدولة ترى أن مصلحتها في تفرق أهل الجزيرة وبقاء حالة الخوف بينهم؛ واكنت تعمد إلى إرسال شريف مكة لإسقاط كل كيان سياسي من شأنه أن يجمع سكان وسط الجزيرة ويوحدهم؛ ومن ذلك غزوة الشريف حسن بن أبي نمي سنة 986 لإسقاط دولة آل شبيب في معكال؛ وغزوة الشريف أبي طالب بن الحسن سنة 1011ه، وغزوة الشريف محسن بن حسين سنة 1015هـ، وفي سنة 1057 غزا زيد بن محسن حتى وصل روضة سديرـ
هذه الغزوات كلها كانت قبل نشوء الدولة السعودية، الأمر الذي يعني: أن عدم وجود كيان موحد في وسط الجزيرة كان استراتيجية عثمانية؛ وهذا يفسر ما تقدمت الإشارة إليه من كون السلطان محمود قد أوعز إلى الشريف مسعود بن سرور بغزو نجد وقتل محمد بن عبدالوهاب في السنوات الأولى لنشوء الدعوة.
ولا حاجة في هذا المقال لتفصيل نكاية الدولة العثمانية ممثلة في محمد علي باشا وأبنائه بالدولة السعودية الأولى والدولة السعودية الثانية وبقبائل البقوم وزهران وغامد ورجال الحجر وغيرهم ممن كانوا خاضعين لدولة الدعوة الدولة السعودية؛ فهذه الحقائق لا تكاد تخفى.
ومما يجدر التنبيه إليه أن الدولة العثمانية في عهد السلطان محمود الثاني وما بعده تختلف عنها فيما قبلهما ؛ وقد حكم بين عامي 1223و 1255 مدة قاربت الاثنين وثلاثين عامًا؛ حاول فيها هذا السلطان إصلاح الدولة فأنشأ المرافق التعليمية وقضى على الانكشارية وبدأ في بناء جيش نظامي عصري على النمط الأوربي وأدخل جميع أبناء الممالك العثمانية في الجندية[كانت مدة التجنيد الاجباري عشر سنوات وهي مدة مبالغ فيها إلى حد أنها عُدَّت من المظالم]ولو أنه استمر على هذا المنهج ولم يقع في الأخطاء الفادحة التي وقع فيها لكان مآل الدولة العثمانية إلى خير؛ لكن هذه الإصلاحات انطلقت من أفكار خاطئة لدى السلطان، ولهذا لم يكن عهده الطويل رغم محاولاته الإصلاحية سوى عهد بداية الانتكاس الأعظم، ليس للدولة العثمانية بل لكل الولايات التي تنضوي تحتها؛ ولو لم يكن من الشرور التي تضمنها عهده إلا أنه كان عهد بداية عصر ما عُرف بالاستعمار لكفى؛ فقد احتلت في عهده فرنسا ولاية الجزائر سنة 1245؛ وتوفي رحمه الله والدولة العثمانية على وشك السقوط على يد إبراهيم باشا بن محمد علي والي مصر؛ لولا أن ابنه السلطان عبدالمجيد استعان بالإنجليز والروس والنمسا ضد محمد علي، وكان هذا خطأ جسيما وقع فيه السلطان عبدالمجيد بسبب التركة السيئة التي تركها له أبوه.
ويمكن تلخيص الأخطاء الكبرى التي أفسدت أعمال السلطان محمود الإصلاحية : إنفاقه الأموال الباهضة في محاربة الدعوة الإصلاحية في الجزيرة العربية، فكان يمد واليه في مصر بقناطير الذهب من أجل غزو الجزيرة العربية، في حين كانت جيوش السلطان عائدة خاسرة منكسرة أمام الروس، وقد خسروا عددًا من المدن في شمال البحر الأسود؛ وكان بإمكانه التصالح مع الدولة السعودية والتفرغ لحرب الروس؛ لكن الله ابتلاه بتولي كبر هذه الجريمة العظيمة؛ وما لبث أن رأى عقوبتها من الله بنفسه حيث تسلط عليه محمد علي باشا[وصدق المثل “من أعان ظالماً سُلِّط عليه”]واستقل بمصر ثم استولى على الشام وجنوب الأناضول؛ ولولا خوف الدول الأوربية من أن يتمكن محمد علي باشا من إسقاط الدولة العثمانية وينشئ دولة جديدة فتية قوية لكانت الدولة العثمانية قد سقطت منذ ذلك الحين.
ومن أخطائه افتتانه بالغرب؛ فبدأ في إدخال سلوكهم وطبائعهم وفنونهم إلى الحياة التركية ؛وبدأ من عهده ضعف القيم الإسلامية بين المواطنين الأناضول والتعلق بأهداب الغرب وطبائعهم؛ فأكثر من الابتعاث لبلاد أوربا فوق ما كانت تحتاجه الدولة؛ وللأسف لم يقدم المبتعثون للدولة ما كانت ترجوه منهم؛ فلم تستطع الدولة العثمانية في عهد السلطان محمود ولا في عهد من بعده أن تلتحق بالغرب في حضارتهم المادية والتقنية، والسبب في ذلك الفساد الإداري الكبير والانشغال بالحروب؛ وعدم البدء في محاربة الفساد الإداري وتغيير نظام الدولة العتيق في إدارة شؤونها الداخلية والخارجية؛ والاكتفاء من المبتعثين بنقل استخدام المصنوعات الغربية لا محاكاتها؛ ولهذا ضل العثمانيون من عهد السلطان محمود حتى الحرب العالمية الأولى 1331هـ يستوردون الأسلحة من أعدائهم الأوربيين؛ ولم تُجد إصلاحات السلطان في جمع كلمة المسلمين أو إزالة المظالم.
كما يجدر التنبيه أيضًا إلى أن الدولة العثمانية بعد عام 1326 أي سنة تغلب حزب الاتحاد والترقي على الحكم تختلف عنها بعد ذلك؛ فدولة الاتحاديين لم تعد دولة إسلامية بل لم تعد دولة عثمانية ولم يكن السلاطين بعد السلطان عبدالحميد الثاني الذي تم خلعه سنة 1327هـ لهم أي شيء من الصلاحيات.
نعم استخدم الاتحاديون العلمانيون القوميون الإسلام كشعار لجلب التأييد الشعبي لهم حينما تم توريطهم في دخول الحرب العالمية الأولى؛ لكن هذا الشعار لم يفلح في إقناع الناس، ولم يجدوا لهم داعمًا سوى أحمد السنوسي زعيم ليبيا؛ وكان تأييده لهم وإعلانه الحرب على الحلفاء وبالًا عليه.
والملك عبدالعزيز رحمه الله الذي دعم حملة جمال باشا سنة 1914 لتحرير قناة السويس من البريطانيين.
أما عرب الحجاز وسوريا فكانوا مع الثورة العربية التي نادى بها الشريف حسين بناء على دعم بريطانيا له؛ وأما مصر فلم يكن بيدها حول ولا طول، حيث كانت خاضعة للاستعمار البريطاني.
وختامًا: فتلك الصفحات قراءة سريعة للتاريخ العثماني عبر معايير محددة وغير محيطة بكل جوانب التاريخ الذي يجب أن نقرأه لا لنختصم حوله ولكن لنستفيد منه.
د.محمد بن إبراهيم السعيدي
جزاك الله خيرا دكتور قراءة متأنية ومنصفة في وقت كثر فيه الهرج العلمي والبلطجة الثقافية والكذب، تحتاج الأمة لمثل هكذا مطالعات دقيقة من رجل صنعتها الهدوء والإنصاف. ليس هذا إطراء فالدكتور لا يحتاجه، وهو يعرفني جيدا، لكنها صادفت ما نفس ، فكان ما كاتبه يخالج صدورنا ويعجز القلم أن يبريه فعبر الدكتور الفاضل عما يجول في الذهن والخاطر.
مقال رائع جدا جدا وموفق بوركت يادكتور
مقال موفق،
حاول اعطاء نظرة عامة موجزة منصفة،
لك الشكر والدعاء،،
رائع جدا دكتور محمد سلم البنان والبيان
ارجو ان تلقوا المزيد من الضوء على احوال تركيا ااسياسية ومواقفها مع احداث العالم وقضية فلسطين وما جد بعد عهد الهالك اتاتورك مرورا بمندريس رحمه الله وما لمستوه من سياسة الرئيس الطيب اردوغان وما مدى مصداقية ما يقوم به من اعمال ريادية لانتشال تركيا من آثار التغريب وسعيه لابراز الهوية الاسلامية على الشعب التركي بعد الحكم العسكري العلماني..
ولكم فائض التقدير والاحترام
كتابة منصفة ومتأنية بارك الله فيك يادكتورنا الرائع نرجو المزيد
العرب ،،،، وما ادراك ما العرب . هي ليست دعوة قومية أبدا، لكن يجب أن يفهموا ان الله شرفهم بان جعلهم قادة للأمة الإسلامية . الترك ما كان لهم ولا ينبغي لهم أن ينافسوا العرب على هذا. بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بعدم بدءهم بقتال لكي نُكفى شرهم. وجودهم في ردهات السلطة منذ العهد العباسي كان خطأ فادحاً . ماهي الفتوحات الإسلامية إن كان أمر التوحيد قد ولى في بلاد المسلمين؟ نشر البدعة قاصمة أكبر من الفتوحات الإسلامية .
العرب يجب أن يعيدوا ثقتهم بأنفسهم وأن لا يغتروا ! بل يعيدوا ثقتهم بالله قبل كل شيء. عندما أتى المصريون لقتل سيدنا عثمان رضي الله عنه كانو ا يطالبون بالعدل! فما الذي حل عليهم ؟ أترك الحواب لكم . للأسف حتى أبناء الجزيرة العربية تجده مستصغراً لنفسه آمام المصري أو الشامي ! لا ،،،، تلك أيام ولت دون رجعة ! يجب أن يفهم أبناء القبائل في الجزيرة أنهم معدن العرب ومادة الإسلام . لانريد لا لترك ولا لفرس ولا لصريين أن يقودا العالم الإسلامي. قيادة العالم الإسلامي يجب أن تكون من أبناء الجزيرة ، الدولة العثمانية قصرت مع العرب مثيرا ولم تنشر العلم والسنة فيهم . فلا نريدها . حديث النبي ص على ان الفتح يكون للمسلمين لوجود من رأى من رأي أصحاب النبي ص. يشير أن مايسمى ” فتوحات ” بعد ذلك التاريخ لا تعد فتوحات حقيقية . كم جلست بلاد اليونان تحت حكم العثمانيين ؟ آين الإسلام في اليونان الآن ؟ لا شيء ! نصيحتي للسعوديين ، لا تستصغروا أنفسكم عند أحد . تاريخنا مشرف ، جددوا ثقتكم بالله .
لم يبين الكاتب دور المنظمات الهدامة امثال الماسونية ومااختبأ تحتها من منظمات واحزاب وكذلك دور يهود الدونما والقوميين العرب الذين انضووا تحت هذه الاحزاب للمساهمة في تفكيك الدولة والعمل على اسقاطها.
إلى المدعو عبد الله المتعصب كلامك قومجي فإن لم يكن ما تقوله قومية فما هي القومية؟
لقد جعلت الإسلام فقط في جزيرة العرب ونفيت فضل الشاميين والمصريين وجعلت الفتوحات فقط لمن قام بها من جزيرة العرب ولا أدري ما هو النص او الحديث الذي استندت اليه لتنفي صفة الفتح عن من جاء بعد ذلك فانت قلت ان هناك حديث ولكن لم تذكره.
للمعلومية كان الكثير من اليونانيين مسلمين بعد الفتح العثماني ولكنهم طردوا وهجروا الى تركيا كما حدث مع مسلمي الاندلس فراجع التاريخ.
ولكن مع ذلك فها هو الاسلام باقي في البوسنة والبانيا بفضل الله ثم بفضل العهد العثماني.
اما وصفك للدولة العثمانية بالبدع لأنها صوفية فهذه مجرد عصبية مذهبية منك تشابه من يصف الدولة السعودية بالبدع لأنها سلفية.
طرح أخذ يقترب اكثر من الإنصاف وفقك الله ..
ولكن تعميم الحكم على الخلافة العثمانية بأنها كانت صوفية منذ نشأتها فيه تجنٍّ غير منصف ولا موفق. علما بأن ليس كل مظاهر التصوف مذمومة, كما قاله ابن تيمية رحمه الله عن شيخ الطائفة الأول (الجنيد).
بل الصواب أنها آلت إلى الصوفية الغالية في مراحل الضعف فكان ذلك من أسباب سقوطها .
ويكفي دلالة على ذلك أن نتذكر شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم لجيش الفاتح بالخيرية. فهل سيثني عليه الصلاة والسلام على صوفية مبتدعة ضالة؟! وأما جل ما قبل ذلك وحوله فقد كان تمهيدا وترسيخا لذلك الفتح المبين.
ولعل في المقاطع التالية إفادة:
https://www.youtube.com/watch?v=EglODdZJrUM
اللهم اجعل ولايتنا في طاعتك
جزى الله الكاتب خير الجزاء، طرح قوي ينبئ عن قراءة متأنية منصفة، فقد أخذ الكاتب العبر والعظات وساقها على معايير يسهل فهمها و الإحاطة بها، حتى نأخذ منها دروس تحيا بها الأمة ونبتعد عن أخطاء من مضى في السلوك والعقائد والسياسة وكل مناحي الحياة، فهي دعوة للرجوع للمنهج الصحيح لا غير، ونقد بنّاء للأسباب التى أضعفت الخلافة العثمانية. وفي الختام زادك الله توفيقًا ورشادا وسدادا.